ـ(105)ـ
وفصل الآمدي وابن الهمام فقالا: إن عمل بما التزمه في بعض المسائل بمذهب معين، فلا يجوز لـه تقليد الغير فيها، وإن لم يعمل في بعضها الآخر جاز لـه اتباع غيره فيها(1).
والسؤال الثاني الذي يطرح نفسه أيضاً هو: هل يجوز للملتزم بمذهب معين مخالفة إمامه ولو جزئياً أم لا ؟.
فإذا التزم العامي مذهباً معيناً فللعلماء فيه أقوال:
قيل: لا يجوز مطلقاً.
وقيل: يجوز مطلقاً.
وقيل: بالتفصيل بين أن يكون قد عمل بالمسألة فلا يجوز لـه الانتقال، أو لا يكون فيجوز لـه ذلك.
وقيل: بتفصيل آخر بين أن يكون بعد حدوث الحادثة فلا يجوز، وإلاّ جاز، وقيل: بغيره(2).
وينطرح سؤال ثالث آخر إذا رجحنا عدم الالتزام بمذهب معين، فهل ينحصر الأمر بالمذاهب الأربعة أو يجوز تقليد غيرهم؟.
أيضاً اختلف العلماء في الجواب على هذا السؤال:
فقال أكثر المتأخرين: لا يجوز تقليد غير الأئمة الأربعة من المجتهدين، لأن مذاهبهم غير مدونة ولا مضبوطة، مما يجعل المقلد المقتدى به عرضة للخطأ والتأويل فيها بخلاف المذاهب الأربعة، فأنها منقحة معروفة مضبوطة بسبب
______________________
1 ـ انظر الآمدي 3: 174.
2 ـ انظر فتاوى الشيخ عليش (فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب مالك) 1: 59.