ـ(104)ـ
كما ذهب إليه المتأخرون وأنهم أجمعوا كما أدعى القرافي وغيره على أن من أسلم فله أن يقلد من يشاء...، فحينئذٍ يبطل الخطر الذي ضرب على عوامهم، وعليه فلكل مكلف أن يقلد من يشاء، بعد الفحص عن ذلك المجتهد وحصول الشروط المطلوبة فيه، والتي تؤهله لهذا المنصب العلمي.
ولكن السؤال المطروح هو إذا كان طريق العامي للاجتهاد هو التقليد، فهل يجب على المقلد التزام مذهب معين في كلّ واقعة أم لا ؟.
اختلف المتفقون على وجوب التقليد على العامي على مذاهب:(1).
قال بعضهم: يجب التزام مذهب إمام معين، لأنه اعتقد أنّه حق، فيجب عليه العمل بمقتضى اعتقاده.
وقال آخرون: لا يجب تقليد إمام معين في كلّ المسائل والحوادث التي تعرض، بل يجوز أن يقلد أي مجتهد شاء، فلو التزم مذهباً معيناً كمذهب أبي حنيفة أو الشافعي أو غيرهما، لا يلزمه الاستمرار عليه، بل يجوز لـه الانتقال كلياً منه إلى مذهب آخر ولو بعد العمل، لأنه لا واجب إلاّ ما أوجبه الله ورسوله، فأن الله تعالى لم يوجب عليه اتباع مذهب معين، وإنّما أو جب الله اتباع العلماء من غير تخصيص بعالم دون آخر، ولأن المستفتين في عصر الصحابة والتابعين لم يكونوا ملتزمين بمذهب معين، والقول بالتزام مذهب يؤدي إلى الحرج والضيق.
______________________
1 ـ انظر الآمدي 3: 174، مسلم الثبوت 2: 355، إرشاد الفحول: 240، شرح الأسنوي 3: 266، شرح المحلى على جمع الجوامع 2: 228، التقرير والتحبير244، فواتح الرحموت 2: 403، المدخل إلى مذهب أحمد: 193، العناوين في المسائل الأصولية 2: 92، عمدة التحقيق في التقليد والتلفيق: 81، أصول الفقه لشعبان: 237، بجيرمي الخطيب 1: 51.