ـ(103)ـ
إمام ينتسب إليه ويقول بما يمليه على أتباعه من أحكام، ويصل الرقم بالمذاهب إلى أكثر من خمسين مذهباً، كان من أبرزها، المذهب الحنفي، والمالكي، والشافعي، والحنبلي، ومن الأعيان: الشعبي، والحسن البصري، والأوزاعي، والثوري، والليثي، وأبو ثور، وإسحاق، والظاهري.
قال أبو شامة بهذا الصدد: (ينبغي لمن اشتغل بالفقه ألا يقتصر على مذهب إمام معين، بل يرفع نفسه عن هذا المقام، وينظر في مذهب كلّ إمام، ويعتقد في كلّ مسألة صحة ما كان أقرب إلى الأدلة ـ الكتاب والسنة المحكمة ـ وذلك سهل عليه، إذا كان قد أتقن معظم العلوم المتقدمة ـ أي علوم الاجتهاد ـ وليتجنب التعصب والنظر في طرائق الخلاف المتأخرة، فأنها مضيعة للزمان، ولصفوة مكدرة)(1).

الدور الثالث:
فكرة حصر المذاهب:
كان النزاع بين الطوائف نزاعاً لا يتعدى حدود القول في النقض لبعض ما ينهجه الآخر، وسارت الأمور على هذا المنوال، ولكن حركة الانشقاق تتسع، وروح الاختلاف تسري في المجتمع بسرعة، لقوة الدافع السياسي الذي يحاول أن لا تتفق الأمة على رأي واحد، فهو يعمل على إحياء العصبية، إذ لا حياة للنظام الملكي إلاّ بها)(2).
وبالتالي تنحصر وتقف عجلة التمذهب على المذاهب الأربعة المعروفة وكان للقضاة والمفتين الضلوع الأكبر في تركيز كلّ واحد من هذه المذاهب الأربعة.
أما لو لم نقل بمقالتهم هذه، وقلنا إن باب الاجتهاد مفتوح عند الجمهور
______________________
1 ـ راجع الرد على من أخلد إلى الأرض: 61، أعلام الموقعين 4: 214.
2 ـ كتاب الإمام الصادق (عليه السلام) والمذاهب الأربعة 1: 187 نقلا عن مقدمة ابن خلدون.