ـ(102)ـ
فيه الكفاءة من المسلمين، وفي هذا الصدد يقول القرافي: "أنعقد الإجماع على أن من أسلم فله أن يقلد من يشاء من غير حجة، وأجمع الصحابة على أن من استفتى أبا بكر وعمر (رض) أو قلدهما فله أن يستفتي أبا هريرة، ومعاذ بن جبل، وغيرهما، ويعمل بقولهم من غير نكير، فمن أدعى خلاف هذين الاجماعين فعليه الدليل"(1).
لكن عورض هذا الإجماع بنقل إجماع آخر يفيد منع تقليد العوام من أعيان الصحابة وغيرهم ـ نقله أمام الحرمين ـ، حيث نقل الإمام إجماع المحققين على منع تقليد العوام من أعيان الصحابة، بل من بعدهم الّذين سبروا، ووضعوا، ودونوا)(2).
إذا ثبت إجماعان في مورد واحد:
أحدهما: يجيز تقليد العوام لأعيان الصحابة.
الثاني: يمنعه.
وقال عز الدين بن عبد السلام: (ومن العجب العجيب أن الفقهاء المقلدين يقف أحدهم على ضعف ما أخذ إمامه، بحيث لا يجد لضعفه مدفعاً، وهو مع ذلك يقلد فيه، ويترك من شهد لـه الكتاب والسنة والأقيسة الصحيحة لمذهبهم، جموداً على تقليد إمامه، بل يتحايل لدفع ظواهر الكتاب والسنة، ويتأولها بالتأويلات البعيدة الباطلة، نضالاً عن مقلده)(3).

الدور الثاني:
نشطت الحركة العلمية بتعدد المجتهدين ورواة الحديث، وبرز من بين هؤلاء من كانت لـه مكانة سامية بين الأفراد، وإذا بأغلب البلدان يرجع كلّ منها إلى
______________________
1 ـ تيسير التحرير 2: 256، مسلم الثبوت 2: 357 حاشية.
2 ـ المصدر السابق 2: 257.
3 ـ القواعد الكبرى 2: 135 ـ ط ـ دار الاستقامة.