ـ(101)ـ
الاجتهاد، ولم يقفوا في طريق من يجد في نفسه الكفاءة للتصدي إلى هذا المنصب الديني الخطير، وبذلك كسبواتنمية الحركة الفكرية التشريعية، ليقول المجتهد كلمته فيما يستجد كلّ يوم، محل ابتلاء المكلفين من الحوادث، حيث تؤكد المصادر بأن هناك صوراً من إرجاع العوام إلى اشخاص معينين كانت لهم سمة الإفتاء من قبل الأئمة (عليهم السلام) أنفسهم، فالمسلمون وخصوصاً في تلك الأدوار البدائية لم يكونوا متقاربين في البلدان على النحو الذي نراه اليوم من التقارب وسرعة التنقل، فلم يكن بميسور الفرد آنذاك أن يصل إلى الإمام (عليه السلام) في كلّ وقت يريد الوصول إليه، ليستوضح منه الحكم الشرعي، بل ربما نجد الفرد طيلة حياته لم يشاهد إمامه (عليه السلام) على قرب، فكيف بأهل البلدان النائية؟.
أما التقليد عند السنة فإن الأدوار التي مرّ بها يمكن تصنيفها إلى ثلاثة أدوار:

الدور الأول:
نشوء عملية التقليد.
لقد حدثت ظاهرة التقليد في أوائل القرن الرابع الهجري، قال الشوكاني: (إن التقليد لم يحدث إلاّ بعد انقراض خير القرون، ثم الّذين يلونهم، ثم الّذين يلونهم، وإن حدوث التمذهب بمذاهب الأئمة الأربعة، إنّما كان بعد انقراض عصر الأئمة الأربعة، وإنهم كانوا على نمط من تقدمهم من السلف في هجر التقليد، وعدم الاعتداد به، وإن هذه المذاهب إنّما أحدثها عوام المقلدة لأنفسهم من دون أن يأذن بها إمام من الأئمة المجتهدين)(1).
لكن الواقع يثبت أن الدور الأول للتقليد نشأ منذ زمن الخلفاء، وفيها نرى عملية التقليد والرجوع إلى المجتهدين كانت مستمرة عندهم، فيراجع العوام من
______________________
1 ـ القول المفيد في أدلة الاجتهاد والتقليد: 108.