ـ(76)ـ
قال السيوطي: الثالث ـ من مأخذ التفسير ـ الأخذ بمطلق اللغة، فإن القرآن نزل بلسان عربي، وهذا قد ذكره جماعة، ونص عليه أحمد في مواضع، لكن نقل الفضل بن زياد عنه أنّه سئل عن القرآن يمثل له الرجل بيتاً من الشعر، قال ما يعجبني، فقيل ظاهره المنع، ولهذا قال بعضهم في جواز تفسيره القرآن بمقتضى اللغة روايتان عن أحمد".
وقيل الكراهة تحمل على صرف الآية عن ظاهرها إلى معان خارجة محتملة يدل عليها القليل من كلام العرب ولا يوجد غالباً إلاّ في الشعر ونحوه، ويكون المتبادر خلافها.
وروى البيهقي في الشعب عن مالك، قال: لا أوتي برجل غير عالم بلغة العرب يفسر كتاب الله إلاّ جعلته نكالاً"(1).
ومن الأمور الأولية والأساسية التي يحتاجها المفسر العلم التفصيلي باللغة العربية بمختلف علومها من صرف ونحو واشتقاق، وبيان ومعاني وبديع وغيرها الأمر الذي يكشف بوضوح عن ضرورة جعل اللغة مصدراً، لا البحث في مصدريتها وعدمه فيجب على المفسر البدء بالعلوم اللفظية، وأول ما يجب البدء به منها تحقيق الألفاظ المفردة فيتكلم عليها من جهة اللغة ثم التصريف ثم الاشتقاق ثم يتكلم عليها بحسب التركيب، فيبدأ بالأعراب، ثم بما يتعلق بالمعاني، ثم البيان، ثم البديع، ثم يبين المعنى المراد، ثم الاستنباط، ثم الإشارات(2).

مصدرية العقل في تفسير القرآن الكريم:
وهذا المصدر عليه خلاف كبير بين فرق المسلمين، وأساطين علمائهم، والذي يظهر أن منشأ هذا الخلاف هو عدم وضوح مدلول العقل، والخلط بينه
______________________
1 ـ الإتقان في علوم القرآن ـ ج 4 ـ ص 209.
2 ـ الإتقان في علوم القرآن ـ ج 4 ـ ص 227.