ـ(73)ـ
ولا تكذبوهم"(1).
وعلى ذلك لابد أن يتعامل مع آراء الصحابة التفسيرية على أساس أنها اجتهادات يمكن النقاش فيها، ويمكن قبول ما توفر على الشروط الصحيحة للتفسير منها كأن يعتمد على تفسير القرآن بالقرآن، أو باللغة، أو بالعقل (الرأي) المقبول كما سيأتي البحث عنه ورد ما كان مفتقدا لذلك، خصوصا، وإننا نجد أن التفاسير المختلفة التي فيها تفسير للصحابة قد ملئت بكثير من أهواء أهل الكتاب كقصة الغرانيق، وزواج رسول الله (صلى الله عليه وآله) من زينب بنت جحش، وغيرها كثير"(2). فلابد للمفسر المتعامل معها أن يكون محيطاً بأصول الدين، ومجريات كلام العرب من الحقيقة والمجاز، والتمثيل، والصفات المتعلقة بذات الله تعالى وغير ذلك من الآليات التي تضمن له سلامة تفسيره عند التعامل مع أي قول أو رأي في العملية التفسيرية.
وهنا لابد من التنويه إلى مسألة مهمة في الفرق بين كون المصدر التفسيري مصدراً للتفسير، وبين كونه حجة بالإضافة إلى مصدريته، فأقوال الصحابة كما قال الغزالي لا دليل على حجيتها، بل إن كلّ دليل أورده القوم على حجيتها فهو محل كلام وبحث (3). وهذا يعني أنها غير لازمة القبول كما هو الحاصل في تفسير رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته (عليه السلام) فالتفسير عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) وعن أهل بيته (عليهم السلام) لازم القبول، وإن كان في كثير من الأحيان لا تنحصر الآية الكريمة من حيث تفسيرها فيه، لأن تفاسيرهم (عليهم السلام) أحيانا تشير إلى المصداق، وأما أقوال الصحابة فليست كذلك من حيث الحجية، ولكن هذا لا ينفي مصدريتها كأن يعتمد عليها المفسر أو يستعين بها في الفهم وفي العملية التفسيرية إذا توافرت
______________________
1 ـ المصدر نفسه.
2 ـ انظر كتاب الإسرائيليات في التفسير والحديث ص 20، وما بعدها و ص 119 وما بعدها في بيان التفاسير التي ملئت بالإسرائيليات ويراجع في ذلك أضواء على السنة المحمدية ـ محمود أبو رية ـ ص 125 ـ 126 ـ ص 172 ـ 173.
3 ـ الأصول العامة للفقه المقارن ـ الحكيم ـ ص 133 ـ وما بعدها بحث حول سنة الصحابي.