ـ(72)ـ
قولـه، فكيف يحتج بقولهم مع جواز الخطأ، وكيف تدعى عصمتهم من غير حجة متواترة، وكيف يتصور عصمة قوم يجوز عليهم الاختلاف ؟ وكيف يختلف المعصومان ؟ كيف وقد اتفقت الصحابة على جواز مخالفة الصحابة ! فلم ينكر أبو بكر وعمر على من خالفهما بالاجتهاد، بل أو جبوا في مسائل الاجتهاد على كلّ مجتهد أن يتبع اجتهاد نفسه"(1).
وإن كان السيوطي يحاول أن يبرر الخلاف بين الخلفاء في قضية التفسير بقوله: "إنه قد يرد عن الصحابة تفسيران في الآية الواحدة مختلفان، فيظن اختلافاً وليس باختلاف، وإنّما كلّ تفسير على قراءة"(2).
"ومهما يكن من أمر فإن هذا المصدر عن الصحابة يجب أن يرصد بكثير من الحيطة والحذر، لما دس عن طريقهم في القرآن من قبل اليهود، والنصارى، وما كثر في ذلك من الإسرائيليات، (3). والانحرافات وما زور من الأحاديث التي وضعت في العصرين الأموي والعباسي ترويجاً لمبدأ، ودعماً لفكرة مما لم تصح نسبته، ولم يثبت صدوره"(4).
"ولقد كانت حاجة الصحابة إلى معرفة الأحكام تلجؤهم إلى الاستعانة بأهل الكتاب أحيانا ممن يثقون به أو يعتمدون حسن سيرته، فيسألون فيجاب بما لم ينزل به الله سلطانا ينحرف الكلم عن مواضعه، ولا يبلغ الحق نصابه، وقد حصل من هذا، وذلك خلط كبير وتضييع لكثير من الحقائق، وصدر قسم منها جهلا، والقسم الأخر عناداً، وتزويراً حتّى عادت المسألة ذات بالٍِ عند المسلمين، فتحرج قوم وتجوز آخرون حتّى نقل السيوطي إن ما نقل عن أهل الكتاب ككعب ووهب وقف عن تصديقه وتكذيبه لقوله "ص": "إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم
______________________
1 ـ الأصول العامة للفقه المقارن ـ الحكيم ـ ص 440 ـ مؤسسة آل البيت للطباعة والنشر.
2 ـ دراسات قرآنية ـ محمّد حسين علي الصغير ـ ج 2 ـ ص 61 ـ نقلا عن الإتقان للسيوطي ـ ج 4 ـ ص 193.
3 ـ يراجع في ذلك الإسرائيليات في التفسير والحديث ـ الذهبي.
4 ـ دراسات قرآنية ـ الصغير ـ ج 2 ـ ص 61.