ـ(71)ـ
وقال ابن كثير: "إذا لم نجد التفسير في القرآن، ولا في السنة رجعنا في ذلك إلى أقوال الصحابة: فإنهم أدرى بذلك لما شاهدوا من القرائن، والأحوال التي اختصوا بها ولما لهم من الفهم التام، والعلم الصحيح، والعمل الصالح، لاسيما علماؤهم، وكبراؤهم"(1).
وهذه الكلمات التي نقلناها، وإن عدت اجتهادات الصحابة تفسيرا عند عدم الحصول على تفسير للآية من القرآن أو من السنة لكنها مع ذلك لا تثبت أي حجة لأقوالهم بل تضع مناطات معينة لقبول أقوالهم، وربما توجد بعض العبارات لكبار الأئمة تناقش في اصل القبول.
فقد قال الزركشي: ينظر في تفسير الصحابي فإن فسره من حيث اللغة، وفهم أهل اللسان فلا شك في اعتماده وإن فسره بما شاهد من الأسباب، والقرائن فلا شك فيه"(2).
ويقول مناع القطان: "وهناك روايات منسوبة إلى هؤلاء وغيرهم ـ يقصد الصحابة ـ في مواضيع متعددة من تفسير القرآن بالمأثور تتفاوت درجتها من حيث السند صحة وضعفا"(3).
ويقول أيضاً: "أما ما يكون ـ أي من تفسير الصحابي ـ للرأي فيه مجال فهو موقوف عليه ما دام لم يسنده إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) "(4).
وقد وقع الخلاف في قول الصحابي من حيث الحجية فذهب قوم إلى حجيته مطلقا، وقوم إلى حجية قول الخليفتين الأول والثاني، وغير ذلك من الأقوال التي عدها الغزالي في المستصفي باطلة بأجمعها حيث قال:
"إن من يجوز عليه الغلظ، والسهو، ولم تثبت عصمته عنه فلا حجة في
______________________
1 ـ تفسير القرآن العظيم ـ ابن كثير ـ المقدمة ص 4 ـ ط: بيروت، دار المعرفة.
2 ـ دراسات قرآنية ـ محمّد حسين علي الصغير ـ ج 2 ـ ص 58 نقلا عن البرهان للزركشي ـ ج2 ـ ص 137.
3 ـ مباحث في علوم القرآن ـ مناع القطان ـ ص 336.
4 ـ المصدر نفسه ـ ص 337.