ـ(70)ـ
وتفسير القرآن بأقوال الصحابة هو الطريق الثالث لدى الأثريين بعد الكتاب والسنة، فإذا لم يجدوا التفسير فيهما رجعوا إلى أقوال الصحابة باعتبارهم أدرى في ذلك لما شاهدوه من تفسير القرآن، والأحوال التي اختصوا بها، ولما لهم من الفهم والعلم الصحيح على حد تعبير ابن تيمية(1).
وفعلا فإن بعض الصحابة وقفوا على أسباب النزول، وأدركوا قصة الآيات، وأجوائها وفي ذلك سبب لتفسيرهم الكثير من نصوص الكتاب العزيز لكونهم ممن عاش النزول القرآني، وعايشه، الأمر الذي حدا ببعض العلماء أن يقول بعدم جواز مخالفة أقوالهم باعتبارها روايات لا دخل للرأي فيها، وبهذا فإن تفسير الصحابي الذي شهد الوحي له حكم المرفوع(2).
يقول صبحي الصالح: "أما صحابته الكرام فما كانوا يجرؤون على تفسير القرآن، وهو (عليه السلام) بين أظهرهم يتحمل هذا العبء العظيم، ويؤديه حق الأداء، حتّى إذا لحق (عليه السلام) بالرفيق إلاّ على لم يكن بد للصحابة العلماء بكتاب الله، الواقفين على أسراره، المهتدين بهدي النبي (صلى الله عليه وآله) من أن يقوموا بقسطهم في بيان ما علموه، وتوضيح ما فهموه، والمفسرون من الصحابة كثيرون"(3).
"وكان الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ إذا لم يجدوا التفسير في القرآن ولم يسمعون من رسول الله (صلى الله عليه وآله) رجعوا في ذلك إلى اجتهاداتهم، لأنهم عاينوا نزول القرآن، ولأنهم كانوا من خلص العرب، يعرفون عاداتهم، والألفاظ، ومعانيها، ومناحي العرب في كلامهم، ومعتمدين في ذلك على الشعر الذي هو ديوان العرب"(4).
______________________
1 ـ مقدمة في تفسير القرآن لابن تيمية ص 32.
2 ـ تفسير القرآن بالقرآن عند العلامة الطباطبائي ـ د. خضير جعفر ـ ص 54، ينقله عن السيوطي في الإتقان.
3 ـ مباحث في علوم القرآن ـ د. صبحي الصالح ـ ص 289 ط: 5، بيروت: دار العلم للملايين.
4 ـ مقدمة تفسير القرآن العظيم لابن كثير، وهي مأخوذة من التفسير والمفسرون للذهبي ـ ص 16.