ـ(62)ـ
بعضه على بعض"(1) وكان الإمام (عليه السلام) وأهل بيته يستخدمون آيات القرآن مرجعاً في عملية التفسير وهذا أكبر شاهد على مصدريته عندهم (عليهم السلام) .
فعن أمير المؤمنين (عليه السلام) في تفسيره لقوله تعالى:[صراط الّذين أنعمت عليهم](2). قال: قولوا أهدنا صراط الّذين أنعمت عليهم بالتوفيق لدينك، وطاعتك، لا بالمال، والصحة، فإنهم قد يكونون كفاراً أو فساقاً... وهم الّذين قال الله تعالى:
[ومن يطع الله والرسول فاؤلئك مع الّذين أنعم الله عليهم من النبيين، والصديقين، والشهداء، والصالحين، وحسن أولئك رفيقاً] (النساء ـ 69) (3).
والروايات عن أهل البيت كثيرة في جعل القرآن مصدراً، ومرجعا للتفسير، كما وأنهم (عليهم السلام) قد جعلوه مصدر لتصحيح ما يروى عنهم (عليهم السلام) وعن جدهم (صلى الله عليه وآله) (4).
وقد اتبعهم الشيعة الأثناء عشرية في جعل القرآن مصدراً أساسياً، ورئيسياً في التفسير، فهذا شيخ الطائفة الشيخ أبو جعفر الطوسي (ره) (5). قد حفل تفسيره العظيم "التبيان" بجعل القرآن مصدراً أساسياً في التفسير.
وقد حفل التبيان بالمزيد من النماذج التفسيرية التي اعتمد فيها الشيخ الطوسي منهج تفسير القرآن بالقرآن ضمن تبنيه الاتجاه الأثري، والذي يشكل تفسير القرآن بالقرآن أحد دعائمه وقد أطل على المكتبة القرآنية بأقدم محاولة تفسيرية كاملة لدى الشيعة الإمامية، خصوصاً وأن صاحبها أحد أعلام التشيع ومؤسس الحوزة العلمية في النجف الأشرف، والتي يمتد تاريخها إلى ما يقرب من ألف عام، حيث تخرج منها طوال عمرها المبارك كبار الفقهاء المجتهدين، ومشاهير العلماء، والكتاب والأدباء، والمحققين"(6).
______________________
1 ـ نهج البلاغة ـ صبحي الصالح ـ خطبة 18 ـ والخطبة رقم 123.
2 ـ الفاتحة ـ 7.
3 ـ الميزان ـ الطباطبائي ـ ج 1 ـ ص 29، وأنظر كذلك الميزان ـ ج 11 ـ 203، والدر المنثور ج 6 ص 40.
4 ـ راجع في ذلك مجلة رسالة القرآن ـ العدد التاسع ـ ج ص 113 ـ تحت عنوان: تفسير القرآن بالقرآن عند أهل البيت (عليهم السلام) للأستاذ خضير جعفر.
5 ـ انظر مقدمة تفسيره التبيان ـ تحقيق أحمد قصير العاملي.
6 ـ أنظر مجلة رسالة القرآن ـ العدد الثالث ـ ص 26 ـ تحت عنوان تفسير القرآن بالقرآن عند الشيخ الطوسي، الدكتور خضير جعفر.