ـ(41)ـ
وفي مورد (الحكومة) لا تنفي الأدلة الاجتهادية موضوع الأصول العملية نفيا تكوينيا بالوجدان كما (الورود) وإنما تنفيه نفيا تشريعيا وبتعبد من الشارع، وبحكم من الشارع، ولعل ذلك هو سبب تسميته بـ (الحكومة) وهذه (الحكومة) ترد كثيرا في العلاقة بين الإمارات والأصول الشرعية البراءة الشرعية والاستصحاب)، فان موضوع البراءة الشرعية بمقتضى حديث الرفع: (رفع عن أمتي ما لا يعلمون) هو الجهل بالحكم الشرعي، وبوصول خبر الثقة يرتفع الجهل بتعبدنا من ناحية الشارع، فان المكلف يبقى من الناحية التكوينية لا محالة شاكا بالحكم الواقعي الشرعي، وجاهلا به ولا ينفي خبر الثقة الواحد جهلة وشكه تكوينيا وبالوجدان، ولكن بما أن الشارع تعبدنا بحجية خبر الثقة وأتم الكشف الذاتي الناقض الموجود في هذه الإمارة فان وصول خبر الثقة إلى المكلف يرفع الجهل بالحكم الواقعي الشرعي لدى المكلف بتعبد وتشريع من ناحية الشرع، ومع انتفاء الجهل تعبدا ينتفي موضوع الأصل فيثبت الدليل الاجتهادي ويتقدم على الدليل الفقاهتي ولا يعارضه الدليل الفقاهتي. وهو يختلف عن طريقة تقدم خبر الواحد الثقة على الأصول العقلية فان خبر الثقة بعد ثبوت حجيته من الشرع بيان من دون شك وهو يرفع موضوع البراءة العقلية ـ مثلا ـ وهو اللابيان بصورة تكوينية قطعا.
وهذه (الحكومة) على ما اصطلح عليه الشيخ (رحمهما الله) نحو آخر من تقدم الإمارات على الأصول العملية.

العلاقة بين الأصول العملية:
ويتحدث الشيخ بعد ذلك عن العلاقة بين الأصول العملية نفسها، فان الممكن ان تتعارض الأصول العملية بعضها مع بعض، وهذا التعارض يكون بين الاستصحاب وسائر الأصول العملية (البراءة والاحتياط والتخيير) أو بين استصحابين.