ـ(42)ـ
العلاقة بين الاستصحاب والأصول العقلية:
أما في العلاقة بين الاستصحاب والأصول العقلية (البراءة العقلية والتخيير والاحتياط)، فالاستصحاب لا محالة يكون واردا على هذه الأدلة بموجب مصطلح الشيخ، ورافعا لموضوعها رفعا تكوينيا، لان الاستصحاب عندئذ يعتبر بيانا من الشارع، ومع وجود البيان ينتفي موضوع كل من أصالة البراءة والاحتياط والتخيير، فان موضوع البراءة العقلية عدم البيان، ومع وجود البيان الشرعي ينتفي موضوع الأصل، بصورة تكوينية، وموضوع الاحتياط عدم الأمن من العقاب في ارتكاب محتمل الحرمة أو ترك محتمل الوجوب، وبالاستصحاب يتحقق الأمن من العقاب شرعا بصورة تكوينية كذلك ولا يبقى موضوع للاحتياط...
وموضوع التخيير عدم وجود مرجح لأحد الطرفين، والاستصحاب يصلح شرعا أن يكون مرجحا حقيقيا للطرف الذي يدل عليه الاستصحاب، وبذلك ينتفي موضوع التخيير وهو عدم وجود المرجح.
وبناء عليه يتقدم الاستصحاب على كل من الأصول العقلية الثلاثة، وتكون العلاقة بين الاستصحاب وبينها علاقة (الورود) على مصطلح الشيخ (رحمهما الله).
العلاقة بين الاستصحاب والبراءة الشرعية:
وأما العلاقة بين الاستصحاب والبراءة الشرعية فهي من (الحكومة) لان الاستصحاب يرفع موضوع البراءة الشرعية وهو (الجهل بالحكم الشرعي الواقعي) بتعبد من الشارع لان للاستصحاب نظرا إلى الواقع، ويختلف الاستصحاب بذلك عن سائر الأصول العملية، التي لها صفة وظيفية محضة، وليس لها نظر إلى الواقع، وعليه فان الاستصحاب بتعبد من الشارع يرفع حالة الجهل فيكون حاكما على البراءة الشرعية بالتوضيح المتقدم.