ـ(36)ـ
الفرق بين الحكم والوظيفة من حيث الرتبة:
وهكذا يتضح من هذا الشرح أن مفاد الدليل في موارد الأصول العملية (الأدلة الفقاهتية) هي الوظيفة الشرعية أو العقلية.
وليست أدلة حجية الأصول ناظرة إلى إثبات الحكم الشرعي إطلاقا، لا إثباتا ولا نفيا، وإنّما تفيد فقط تبيين الموقف العملي للمكلف في ظرف الشك والجهل، وهو أمر آخر غير الحكم الشرعي، بل لا يمكن أن يكون مفاد الأصول هو الحكم الشرعي لان الأحكام الشرعية مفاد الإمارات (الأدلة الاجتهادية) فلا يمكن أن تكون مع ذلك مفاد الأصول نظرا لتأخر مفاد الأصول عن مفاد الإمارات، فإذا كان مفاد الإمارات هو الحكم الشرعي الواقعي، فلا يمكن أن يكون الحكم الشرعي الواقعي مفادا للأصول في نفس الوقت.
فأننا إنما نلجأ إلى الأصول عند الجهل بالحكم الشرعي الواقعي الذي هو مفاد الإمارات فهما يأتيان في رتبتين مختلفتين فكيف يمكن أن يكون مفاد أحدهما هو مفاد الآخر ؟ هذا من حيث الاختلاف في الرتبة.
الفرق بين الحكم والوظيفة من حيث المؤدى:
وكما يختلف الحكم عن الوظيفة من حيث الرتبة يختلف (الحكم) عن (الوظيفة) من حيث المؤدي أيضاً فان الأحكام ناظرة إلى وجود المصلحة والمفسدة في المؤدي، فقد تكون المصلحة أو المفسدة في المؤدي ملزمة فيكون الحكم واجبا أو حراما. وقد تكون المصلحة والمفسدة في المؤدي غير ملزمة فيكون الحكم مستحبا أو مكروها.
وقد تتوازن المصلحة والمفسدة أو يخلو الواقع من المصلحة والمفسدة فيكون الحكم مباحا.
أما الوظيفة فليست ناظرة إلى وجود مصلحة أو مفسدة في المؤدى