ـ(35)ـ
فالأصول المؤمنة أذن لا تدل على نفي وجود الحكم الشرعي ويبقى المكلف حتى بعد أجراء البراءة شاكا في وجود الحكم الشرعي ولا يقطع بانتفائه، إلاّ أنه يقطع ببراءة ذمته عن التكليف المشكوك فقط في ظرف الجهل به.

الوظيفة العقلية في موارد الأصول المثبتة للتكليف:
وكذلك الأمر في موارد الأصول العملية التي تنجز وتثبت حكما على عهدة المكلف كأصل الاشتغال والاستصحاب وهي الطائفة الثانية من الأصول فأنها لا تثبت وجود حكم شرعي كان يجهله المكلف وإنّما تثبت فقط على عهدة المكلف وظيفة شرعية أو عقلية بالاحتياط في مورد الاشتغال وباستصحاب الحالة السابقة في مورد الاستصحاب والاحتياط والاستصحاب وظيفتان للمكلف في ظرف الجهل بالحكم الشرعي ولا يمكن أن يكون مؤداهما هو الحكم الشرعي الثابت على عهدة المكلف، لأنهما يقعان في طول الجهل بالحكم الشرعي وفي رتبة متأخرة عن الحكم الشرعي، فكيف يمكن أن تتحد الوظيفة والحكم مع اختلافهما في الرتبة.

الوظيفة العقلية في مورد اصل التخيير:
وكذلك الأمر في الطائفة الثالثة وهي أصالة التخيير. والأمر فيها أوضح من الطائفتين السابقتين، فان التخيير في مورد تردد التكليف بين المحذورين ليس هو الحكم الشرعي الواقعي قطعا، لان الحكم الشرعي الواقعي لا يخلو من أن يكون أحد المحذورين، أما الوجوب أو الحرمة وليس أحدهما على نحو الترديد والتخيير قطعا. فالتخيير بينهما أذن هو وظيفة المكلف في ظرف تردده بين الوجوب والحرمة (المحذورين) مع العلم بثبوت أحدهما قطعا على نحو الأجمال.