ـ(34)ـ
الحكم والوظيفة:
وإذا اتضحت هذه المقدمة نقول: أن مفاد الدليل ليس فقط جعل الحكم الشرعي.... فقد يكون مفاد الدليل جعل الحكم الشرعي، وقد يكون أحيانا مفاد الدليل جعل الوظيفة الشرعية أو الوظيفة العقلية للمكلف في ظرف الجهل بالحكم الشرعي.
وهذه الوظيفة ليست هي الحكم الشرعي قطعا، وإنّما هي وظيفة المكلف العملية في ظرف الجهل بالحكم الشرعي.

الأقسام الثلاثة للأصول:

وتوضيح ذلك أن الأدلة الفقاهتية على ثلاث طوائف:
الطائفة الأولى: الأصول المؤمنة كالبراءة العقلية والشرعية.
الطائفة الثانية: الأصول المنجزة والمثبتة للوظيفة الشرعية والعقلية كالاشتغال والاستصحاب (في بعض الموارد).
الطائفة الثالثة: ما يفيد التخيير ويرفع كلية التعيين عن عهدة المكلف، وهو اصل (التخيير) العقلي.

الوظيفة الشرعية والعقلية في موارد الأصول المؤمنة:
ومن الواضح أن الطائفة الأولى وهي الأصول المؤمنة ليست ناظرة إلى نفي وجود الحكم الشرعي المشكوك، ولا تزيد على براءة ذمة المكلف عن التكليف في ظرف الشك بالحكم الشرعي والجهل به وقد يكون الحكم الشرعي قائما بالفعل ولكنه لا يتنجز على عهدة المكلف إلاّ بالعلم، وفي فرض الجهل لا يكون المكلف مطالبا بالتكليف.