ـ(33)ـ
لهذا الموضوع، فتتقدم الأدلة الاجتهادية على الأدلة الفقاهتية قهرا ويتم ذلك من خلال منهجين مختلفين هما: (الورود) و (الحكومة).
وسوف نتحدث عنهما في الفصل القادم عند الحديث عن تعارض الأدلة.

تقسيم مفاد الدليل إلى الأحكام والوظائف العملية

ما هو مفاد الدليل ؟
تحدثنا عن الحجة والدليل، والآن نتحدث عن مفاد ومدلول الدليل. ولكي نتحدث عن مفاد ومدلول الدليل لابد أن نفرق في البحث عن مفاد الدليل بين أمرين مختلفين (الجعل) و(المجعول).
الجعل: يتم مرة بإنشاء من ناحية المشرع، تحقق موضوعه في الخارج أم لم يتحقق.
وأما (المجعول) فيتوقف بثبوته على حصول موضوعه في الخارج.
ففي قوله تعالى: [واعلموا إنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى] قد ثبت بتشريع هذا الحكم وتبليغه جعل وجوب الخمس على الغنائم على كل مكلف أحرز الغنيمة:
وهذا الجعل قد تم وثبت بأصل التشريع ولا يتوقف ثبوته على تحقق الغنيمة في الخارج. أما الوجوب (المجعول) على عهدة المكلف فيتوقف تحققه على وجود المكلف وحصول الغنيمة.
فأيهما هو مفاد الدليل ؟
أن مفاد الدليل دائما هو (الجعل) وليس (المجعول) فان الدليل لا يتعهد بغير بيان اصل جعل وجوب الخمس على الغنيمة، أما تحقق وثبوت هذا الوجوب في الخارج على عهدة المكلف فلا علاقة له بالدليل وإنّما يتم بتحقق موضوعه وينتفي بانتفاء موضوعه في الخارج.