ـ(28)ـ
قال الشيخ في أول المقصد الثالث وهو بحث الشك من كتاب (فرائد الأصول):
(قد عرفت أن القطع حجة في نفسه لا بجعل جاعل والظن يمكن أن يعتبر في الطرف المظنون لأنه كاشف عنه ظنا لكن العلم به والاعتماد عليه في الشرعيات موقوف على وقوع التعبد به شرعا وهو غير واقع إلاّ في الجملة وقد ذكرنا موارد وقوعه في الأحكام الشرعية في الجزء الأول من هذا الكتاب وأما الشك فلما لم يكن فيه كشف أصلا لم يعقل فيه أن يعتبر فلو ورد في مورده حكم شرعي كأن يقول الواقعة المشكوك حكمها كذا كان حكما ظاهريا لكونه مقابلا للحكم الواقعي المشكوك بالفرض ومطلق عليه الواقعي الثانوي أيضاً لأنه حكم واقعي للواقعة المشكوك في حكمها وثانوي بالنسبة إلى ذلك الحكم المشكوك فيه لان موضوع هذا الحكم الظاهري وهو الواقعة المشكوك في حكمها لا يتحقق إلاّ بعد تصور حكم نفس الواقعة والشك فيه مثلا شرب التتن في نفسه له حكم فرضنا فيما نحن فيه شك المكلف فيه فإذا فرضنا ورود حكم شرعي لهذا الفعل المشكوك الحكم كان هذا الحكم الوارد متأخرا طبعا عن ذلك المشكوك فذلك الحكم حكم واقعي بقول مطلق وهذا الوارد ظاهري لكونه المعمول به في الظن وواقعي ثانوي لأنه متأخر عن ذلك الحكم لتأخر موضوعه عنه ويسمى الدليل الدال على هذا الحكم الظاهري أصلا وأما ما دل على الحكم الأول علما وظنا معتبرا فيختص باسم الدليل وقد يقيد بالاجتهادي كما أن الأول قد يسمى بالدليل مقيدا بالفقهاهتي وهذان القيدان اصطلاحان من الوحيد البهبهاني لمناسبة مذكورة في تعريف الفقه والاجتهاد ثم أن الظن الغير المعتبر حكمه حكم الشك كما لا يخفى ومما ذكرنا من تأخر مرتبة الحكم الظاهري عن الحكم الواقعي لأجل تقييد موضوعه بالشك في الحكم الواقعي يظهر لك وجه تقديم الأدلة على الأصول لان موضوع الأصول يرتفع بوجود الدليل فلا معارضة بينهما لا لعدم اتحاد الموضوع بل لارتفاع موضوع الأصل وهو الشك لوجود الدليل.