ـ(27)ـ
ومنها ما تعم الشبهات الموضوعية والحكمية (أي ما يكون الشك فيه في الموضوع الخارجي أو الحكم الشرعي)... واهم هذه الأصول التي تعم الشبهات الحكمية والموضوعية هي الأصول العملية الأربعة المعروفة التي يبحث فيها علماء الأصول في باب الشك.
وهذه الأحكام الظاهرية التي تجري عند الشك متميزة عن الإمارات الظنية أنها تفقد صفة الكشف عن الحكم الواقعي ولا تكسب الشاك رؤية إلى الحكم الشرعي الواقعي، أو إلى الموضوع الخارجي ذي الأثر الشرعي بعكس الإمارات فأنها تملك في حد نفسها درجة من الكشف عن الواقع.
غير أنها ضعيفة وغير كاملة، فيتممها الشارع بالاعتبار الشرعي، بإلغاء احتمال الخلاف واعتبار ما تؤدي إليه الإمارة (كالخبر مثلا) هو الحكم الشرعي الواقعي.
أما الأصول الشرعية والعقلية التي تجري في مورد الشك فتفقد هذه الخصوصية الناقصة عن الكشف، ولا تكسب الشاك في الحكم الشرعي رؤية إلى الحكم وإنما تقرر له العملية في ظرف الشك فقط.
ومن هذا المنطلق بدأت تختمر عند العلماء بالأصول فكرة تفكيك الأصول عن الإمارات والطرق، وفرز إحداهما عن الأخرى.
وهذا التفكيك بين الإمارات والأصول ظهر كما يبدو ولأول مرة على يد الوحيد البهبهاني (رحمهما الله) إلاّ أن الوحيد اقتصر فقط على التفكيك بينهما دون أن يجعل من هذا التفكيك أساسا لتغير منهج الدراسات الأصولية، ودون أن يتناول بالبحث الآثار العلمية الكبرى لهذا التفكيك.
أما الشيخ فقد جعل من التفكيك من الإمارات والأصول أساسا لمنهجه حديثة في علم الأصول وتناول الآثار والنتائج المترتبة على هذا التفكيك بشكل علمي وعميق، وخرج بنتيجة ذلك بتصورات وأفكار جديدة في علم الأصول.
يقول الشيخ رحمه الله في أول المقصد الثالث عن صاحب الفرائد وهو بحث (الشك):