ـ(29)ـ
المنهجية الجديدة لعلم الأصول:
ومهما يكن من أمر، فان الشيخ الأنصاري قد وضع في هذا التقسيم الذي ذكره للدليل، أساسا قويا لمنهجية جديدة تماما في علم الأصول. وجعل منه منطلقا جديدا لعلم الأصول وانطلق منه إلى اكتشاف ودراسة الآثار والنتائج العلمية الكبرى المترتبة على هذا التفكيك.
وعلى هذا الأساس أدخل الشيخ الأنصاري الأدلة الاجتهادية في المقصد الثاني من كتابه، في بحث الظن كالبحث عن خبر الواحد والإجماع والسيرة والشهرة، وهي الظنون الخاصة التي اعتبرها الشارع وثبت عندنا اعتبارها بدليل قطعي، بينما بحث (الأدلة الفقاهتية) وهي الأصول العملية الأربعة في المقصد الثالث وهو مبحث الشك.
وقسم الشيخ الأنصاري الأصول العملية الأساسية التي تجري في ظرف الشك إلى أربعة حصرا علميا ودقيقا.
فقال في أول كتابه (الفرائد): (فاعلم أن المكلف إذا التفت إلى حكم شرعي فأما أن يحصل له الشك فيه أو القطع أو الظن، فان حصل له الشك فالمرجع فيه هي القواعد الشرعية الثابتة للشاك في مقام العمل، وتسمى بالأصول العملية، وهي منحصرة في الأربعة لان الشك أما أن يلاحظ فيه الحالة السابقة أم لا وعلى الثاني فأما أن يمكن الاحتياط أم لا، وعلى الأول فأما أن يكون الشك في التكليف أو المكلف به.
فالأول: مجرى الاستصحاب.
والثاني: مجرى التخيير.
والثالث: مجرى أصالة البراءة.
والرابع: مجرى قاعدة الاحتياط.
وبعبارة أخرى: الشك أما أن يلاحظ فيه الحالة السابقة أولا. فالأول مجرى الاستصحاب والثاني أما أن يمكن الاحتياط فيه أو لا. فالأول مجرى قاعدة الاحتياط والثاني مجرى قاعدة التخيير.
وما ذكرنا هو المختار في مجاري الأصول الأربعة وهو تنظيم جديد وجيد