ـ(212)ـ
2 ـ الباعث العلمي: بعبارة أخرى التاريخ من أجل التاريخ لا يدفعه لذلك سوى أن يرى المادة العلمية صافية لا يشوبها شيء، وهذا الباعث قد يتواجد في نفوس بعض المستشرقين.
3 ـ الباعث العقائدي: أي أن يكون المنشأ هو العقيدة التي على أساسها يتحرك لا عادة كتابة التاريخ وذلك من خلال ممارستين:
الأولى: الحفاظ على العقيدة من الشوائب والدخائل التي تضربها على مستوى الحاضر وتفقدها القدرة على البقاء على مستوى المستقبل.
الثانية: أن العقيدة تفرض عليه كمسلم أن يتحمل مسئولية الحفاظ على الوحدة الإسلاميّة ورص صفوف المسلمين، فالدعوة إلى الوحدة ضرورة عقلية يقرها العرف ويفرضها الشرع، حينها تتحول القضية إلى مسئولية يندفع من خلالها الفرد المسلم لإعادة كتابة تاريخه من جديد.
من خلال هذين الأمرين: الدفاع عن العقيدة، وتعميقها من خلال وحدة الصف بين المسلمين تبرز المسألة في باعثها الحقيقي والسليم الذي يتحول إلى باعث يطارد المسلم ـ بالأخص القيادات الإسلاميّة ـ أينما أراد لنفسه الاسترخاء فإن من وظائف الرادة والقادة نفي التحريف والبدع عن هذا الدين، ومن أبرز مصاديق التحريف "تحريف التاريخ" سواء عن طريق الزيادة فيه كما فعل "الوضاعون" في عهد معاوية أو النقصان كما حدث في زمنه أيضاً، ولا أظن زمناً خلا من هذه الممارسات السلبية في تاريخنا الإسلامي وإنّما تختلف شدة وضعفاً ويعتبر عصر معاوية أجلى مصداقاً لها.
فمع المبرر الثالث ـ كشف التاريخ المغيب وكشف الأباطيل من التاريخ ـ نضم الباعث الثالث ـ الباعث العقيدي ـ نجد أننا أمام مسئولية ثقيلة تقتضي الحيطة والحذر والدقة للدخول في هذا المشروع الخطر، وذلك لأن خطورته تنجر على الإسلام بكامله، فأي خطوة مرتجلة أو حركة دفعت بها ردة الفعل أو أي بداية لم تدرس ستكون غايتها الفشل لا بل الفشل الذريع، الذي يمثل خسارة حروب طاحنة طويلة فمن الذي يتصدى لمثل هذا المشروع؟!