ـ(163)ـ
والأموال من المصلين إلى القبلة المصرحين بقول لا اله إلاّ الله محمّد رسول الله" خطأ... وإن أكثر الخائضين في التكفير إنّما يحركهم التعصب، وأتباع تكفير المكذب للرسول، وهؤلاء ليسوا مكذبين أصلاً، ولم يثبت لنا أن الخطأ في التأويل موجب للتكفير، فلابد من دليل عليه وثبت أن العصمة مستفادة من قول "لا إله إلاّ الله" قطعاً، فلا يدفع ذلك إلاّ بقاطع وهذا القدر كاف في التنبيه على أن إسراف من بالغ في التكفير ليس عن برهان(1).

من هنا افترقنا ومن هنا نلتقي:
السياسة، سواء كنا نحبها أو ننفر منها، هي التي ترسم واقعنا وتحكم إلى حدّ ما على مستقبلنا، فحين كانت السياسة هي التي زرعت بذرة الخلاف الأولى فخرجت بمسار الإسلام من نواة تجمعه الأولى يوم كان المسلمون جمعاً قوياً راسخ الأساس، هذه السياسة هل سنعرف ـ حين صرنا أشلاء ممزقة عرضة لصولات الوحوش الكاسرة ـ كيف سنوجهها لتلم شعثنا على الأصول التي كانت تجمعنا، وهي تجمعنا إلى اليوم، والى الأبد: التوحيد والنبوة والمعاد، أضف إليها وحدة الدستور (القرآن)، ووحدة المصير، ووحدة الغاية (مرضاة الله)؟.
هذا هو نداء القرآن، ونداء السنة، ونداء الضمير..
ولهذا النداء جذوره الثابتة وإن تباعد عنها الغثاء!
فإن الله تعالى قد تعهد بحفظ دينه وحفظ كتابه، وأن يبعث في كلّ جيل دعاة حق ينفون عن هذا الدين أهواء المضلين وبدع المبتدعين.
لقد صححت النظرية النسبية فهماً كان سائداً حول الخطوط المستقيمة، فأثبتت أنّه لا يوجد في الكون خط مستقيم، فالخطوط كلها منحنية، وكل مسار تراه مستقيماً هو في الحقيقة أحدب، والكون كله أحدب، ويجري في مسار أحدب
______________________
1 ـ الاقتصاد في الاعتقاد: 157 ـ 158.