ـ(162)ـ
وقد نوقش هذا الحديث على فرض صحته نقاشاً حسناً من قبل كثير من أهل العلم:
فذهب الدكتور الشيخ القرضاوي فيه مذهباً جميلاً حيث رأى أنّه يدل على أن هذه الفرق كلها جزء من أمته ـ صلى الله عليه وآله وسلم، بدليل قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : "تفترق أمتي" ومعنى هذا أنها برغم بدعتها لم تخرج عن الملة.
ولم تفصل عن جسم الأمة المسلمة، قد يعفو الله عنهم بفضله وكرمه، ولا يسمى إذا كانوا قد بذلوا وسعهم في معرفة الحق ولكنهم لم يوفقوا وأخطأوا الطريق(1).
والى أعمق من هذا ذهب الشيخ لطف الله الصافي، فقال: أنّه لا ريب في تقييده بغيره من الأدلة العقلية والنقلية كالأحاديث الدالة على نجاة الموحدين(2).

كلمتان جامعتان:
1 ـ يقول الإمام جعفر الصادق (عليه السلام): "الإسلام: ما ظهر من قول أو فعل، وهو الذي عليه جماعة الناس من الفرق كلها ! وبه حقنت الدماء، وعليه جرت المواريث، وجاز النكاح، واجتمعوا على الصلاة والزكاة والصوم والحج، فخرجوا بذلك من الكفر وأضيفوا إلى الإيمان"(3).
فلندع إذن تلك الزيادات التي لم ترد بإسناد صحيح، ولا أصل معتبر، ولنتخل عن العصبية لمعان وصنعناها بأيدينا ثم صرنا نقدسها!
2 ـ يقول أبو حامد الغزالي ـ أحد أبرز أئمة الأشاعرة ـ في حديثه عن الفرق كلها: هؤلاء ـ أي الفرق كلها ـ أمرهم في محل الاجتهاد، والذي ينبغي أن يميل إليه المحصل الاحتراز من التكفير ما وجد إليه سبيلاً، فإن استباحة الدماء
______________________
1 ـ الصحوة الإسلاميّة: 38.
2 ـ حديث افتراق المسلمين: 15 ـ 16.
3 ـ الكافي 2: 22 ـ 5.