ـ(160)ـ
كان يخبرنا بحصاد ما سنبذره بأيدينا من بذور الشقاق.
وبعد كلّ هذا جاء رواد الشقاق فألصقوا بالحديث المروي زيادة تثلج صدورهم، فقالوا: "كلها في النار إلاّ واحدة ".
ولا غرابه إذن أن ينبري أتباع كلّ فرقة من هؤلاء بدعوى أن فرقتهم وحدها هي الناجية، وسائر الفرق في النار!
فالحمد لله الذي تفرد في سلطانه، ولم يضع بأيدينا مفاتيح الجنة والنار!
[قل لو أنتم تملكون خزائن رحمة ربي إذا لا مسكتم خشية الإنفاق ](1).
[قل لله الشفاعة جميعاً له ملك السموات والأرض ثم إليه ترجعون](2)!
[يدخل من يشاء في رحمته](3).
[قل لمن ما في السموات وما في الأرض قل لله كتب على نفسه الرحمة](4).
لقد طعن بعض أهل التحقيق في حديث افتراق الأمة هذا، ثم ذهبوا إلى بطلان ما الحق به من زيادات فاما الحديث: "افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وتفرقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة" وبهذا القدر من النص دون أدنى زيادة فقد أخرجه أبو داود، والترمذي وابن ماجه وابن حبان والحاكم، غير أن بعض المحققين لاحظ على هذا التصحيح مأخذاً جديراً بالاعتبار، فقالوا: (هذا الحديث، وإن قال فيه الترمذي: حسن صحيح، وصححه ابن حبان والحاكم، إلاّ أن مداره على محمّد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي وهذا الرجل تكلموا فيه من قبل حفظه، وإن أحداً لم يوثقه
______________________
1 ـ الإسراء : 100.
2 ـ الزمر : 44.
3 ـ الإنسان : 31.
4 ـ الأنعام : 12.