ـ(15)ـ
الأرضي منذ خلقه الله عزّوجلّ حيث نزول أعظم رسالة إلهية لهذا الإنسان الذي كرمه الله تعالى وأعظم كتاب من كتب الله النازلة على الإطلاق وهو القرآن المجيد.
ثم هي ليلة يقدر الله تعالى فيها حوادث الوجود على مدار عام إلى السنة القادمة من حياة وموت ورزق وسعادة وشقاء وخير ونكد وما إلى ذلك، كما تشير إلى ذلك سورة الدخان بقوله تعالى:[فيها يفرق كلّ أمر حكيم أمراً من عندنا إنا كنا مرسلين رحمة من ربك...].
والقدر ليست ليلة واحدة في الزمان، وإنّما هي ليلة متكررة بتكرر السنين كما يفيد الفعل المضارع "فيها يفرق..".
عن أبي ذر الغفاري أنّه قال: "قلت يا رسول الله ليلة القدر هي شيء تكون على عهد الأنبياء ينزل فيها، فإذا قبضوا رفعت قال: لا بل هي إلى يوم القيامة"(1).
والإجماع على أن ليلة القدر في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، وقد روى أصحاب السنن أن النبي (صلى الله عليه وآله) إذا دخل العشر الأواخر من شهر رمضان شد المئزر ـ إشارة للاجتهاد في العبادة ـ واجتنب النساء وأحيا الليل، وتفرغ للعبادة.
وقد وقع خلاف بين العلماء حول الليلة بذاتها، فقيل: هي ليلة إحدى وعشرين كما هو مذهب الصحابي أبي سعيد الخدري، واختاره الشافعي (2).
وقيل: هي ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان، وهو ما اختاره الخليفة عمر وولده عبدالله.
عن عبدالله بن عمر قال: "جاء رجل إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فقال يا رسول الله إني رأيت في النوم كأن ليلة القدر هي ليلة سابعة تبقى فقال (صلى الله عليه وآله) أرى رؤياكم قد تواطأت على ثلاث وعشرين فمن كان منكم يريد أن يقوم من الشهر شيئاً فليقم ليلة ثلاث وعشرين قال معمر كان أيوب يغتسل ليلة ثلاث وعشرين ويمس طيباً
______________________
1 ـ مجمع البيان: للطبرسي ج 9 ـ 10 ص 518.
2 ـ نفس المصدر السابق ـ ص 518.