ـ(16)ـ
وسأل عمر بن الخطاب أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال قد علمتم أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال في ليلة القدر، اطلبوها في العشر الأواخر وتراً ففي أي الوتر ترون فأكثر القوم في الوتر قال ابن عباس فقال لي مالك لا تتكلم يا ابن عباس فقلت رأيت الله أكثر من ذكر لسبع في القرآن فذكر السماوات سبعاً و الأرضين سبعاً والطواف سبعاً والجمار سبعاً وما شاء الله من ذلك خلق الإنسان من سبعة وجعل رزقه في سبعة فقال كلّ ما ذكرت عرفت فما قولك خلق الإنسان من سبعة وجعل رزقه في سبعة فقلت خلق الإنسان من سلالة من طين إلى قوله خلقاً آخر ثم قرأت أنا صببنا الماء صبا إلى قوله وفاكهة وأبا فما أراها إلاّ ليلة ثلاث وعشرين لسبع بقين فقال عمر عجزتم أن تأتوا بما جاء به هذا الغلام الذي لم يجتمع شؤون رأسه قال: وقال عمر وافق رأيي رأيك ثم ضرب منكبي"(1).
وهو ما يراه الإمام أبو عبدالله جعفر بن محمّد الصادق (عليه السلام) كما يورده عنه الشيخ الصدوق (رض):
"عن علي بن حمزة قال كنت عند أبي عبدالله (عليه السلام) فقال له أبو بصير جعلت فداك الليلة التي يرجى فيها ما يجرى أي ليلة هي، فقال: هي ليلة إحدى وعشرين وثلاث وعشرين قال فأن لم أقو على كلتيهما فقال ما أيسر ليلتين فيما تطلب"(2).
وذهب آخرون إلى أنها ليلة سبع وعشرين كما هو رأي أبي بن كعب وعائشة أم المؤمنين، وكما رووا عن ابن عمر وابن عباس عن النبي (صلى الله عليه وآله) قوله: "تحروها ليلة سبع وعشرين"(3).
وقد أخفيت "القدر" في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك ليزداد الناس خيراً وتقرباً إلى الله تعالى بالعبادة والتماس الثواب.
"وما أدراك ما ليلة القدر": وما أدراك ـ يا رسول الله ـ ما جلالة قدر هذه الليلة ومكانتها، وهي الليلة التي وضعت فيها قيم الحق، ونصبت موازين الخير
______________________
1 ـ مجمع البيان: للطبرسي ج 9 ـ 10 ص 519.
2 ـ نفس المصدر السابق ص 519.
3 ـ نفس المصدر، ص 520.