ـ(14)ـ
وحيثياتها، ومجريات الأمور في هذا الكون عند نزول القرآن الكريم على المصطفى المختار (صلى الله عليه وآله وسلم) ، لتبدأ انعطافه جديدة في تاريخ الإنسان وتاريخ هذا الكوكب.
فما هي الحقائق العظمى التي أشرقت بها هذه السورة المباركة ؟
ولنأخذ السورة قطعة قطعة أو آية آية لنتدبر فيها ونتملى آثارها العظيمة الممتدة في الزمان حتّى قيام الساعة:
"إنا أنزلناه": الهاء في "أنزلناه" تشير إلى القرآن الكريم وأن لم يجر له ذكر في السورة، حيث لم يشك أحد أبداً من خلال مضمون خطاب السورة الكريمة إلى أن المقصود من النازل هو القرآن الكريم.
وقد قطع بعض من العلماء في أن المراد هنا هو جملة القرآن الكريم لا جزء منه اعتماداً على أن لفظ "الإنزال" يفيد الدفعة الواحدة خلافا للتنزيل الذي يفيد التدرج(1). والتتابع في النزول، إضافة إلى استفادة هذا الفريق من بعض الآثار الصحيحة ـ كما أشرنا في مقدمة الحديث ـ وأصحاب هذه الوجهة ـ كما قدمنا ـ يستعينون بالآيات الكريمة الواردة حول نزول القرآن الكريم في كلّ من سورة البقرة والدخان والإسراء والقدر ليميزوا بين مرحلتين من نزول القرآن المجيد، مرة على الرسول (صلى الله عليه وآله) على شكل أسرار ومفاهيم كبرى، ومرة من أجل صناعة الأمة على عين الحق من خلال التنزيل التدريجي الذي يمتطي المناسبات والأسباب ـ كما قدمنا ـ.
"في ليلة القدر": والمقصود بليلة القدر هي الليلة المعلومة المشهودة التي نزل فيها القرآن الكريم، في واحدة من أشرف وأجل ليالي هذا الشهر الفضيل: شهر رمضان المبارك.
وقد سماها المولى جل وعلا بليلة القدر لأنها ليلة التقدير والتدبير والمقام والرفعة والسمو والجلالة، فهي ليلة جرى فيها أعظم حدث شهده هذا الكوكب
______________________
1 ـ لاحظ الميزان في تفسير القرآن: للمرحوم السيد محمّد حسين الطباطبائي في تفسير سورة القدر.