ـ(149)ـ
ولهذا خطط لحصر هذه الآثار بين يديه وعدم السماح لها بالانتقال إلى بقية أقطار الأرض إلاّ بعد أن يهيء الموانع اللازمة لمنع الانحراف ولهذا فإنه وضع برنامج يعتمد على عنصرين الأول هو (الاعتراف) والثاني هو (التركيز).
فالاعتراف هو عملية إخضاع الناس موقتاً كضرورة لتنفيذ الوحي ونشره في كلّ الأرض.
والثانية: عملية التركيز أي عملية تطوير الوعي البشري بأهداف الوحي ومراميه وإزالة المعوقات النفسية والفكرية التي تحول دون وصول الإنسان إلى هذا الوعي الضروري لأداء الوحي لمهامه.
ومن الواجب الإشارة إلى أن التركيز على الاعتراف كان ضرورة لأنه بدون الاعتراف لا يمكن مواصلة عملية تركيز الوعي ولهذا رأينا أن الوحي خاض صراعات سريعة ومتواصلة فبعد السيطرة على المدينة وتأسيس أول كيان سياسي عقائدي كان لأبد من تأمين المدينة بالسيطرة على مكة لإلغاء التهديد المتواصل الذي تمثله مكة ثم أردف ذلك بمحاولة الحصول على اعتراف العرب في الجزيرة للحفاظ على خضوع مكة ونفهم ذلك من خلال اشتراك المكيين في حرب ضد القبائل بعد عدة أيام من دخولهم في الإسلام قهراً بحيث أن بعض المقاتلين كانوا لا يزالون يضمرون العداء للإسلام وآمن البعض إيماناً سطحياً لم يلامس أعماق قلوبهم التي تشكلت في إطار الشرط إذ لا يعقل تحولهم إلى أنصار مخلصون بمجرد خسارتهم لمعركة زال فيها ملكهم.
وهكذا وجدت العقيدة نفسها أمام سلسلة صراعات متوالية تصاعدية فبعد إخضاع الجزيرة لزم إخضاع الإمبراطوريات لتأمين الجزيرة العربية معقل الدين الجديد ومن هذه الزاوية نفهم إصرار النبي (صلى الله عليه وآله) واهتمامه بإنفاذ حملة أسامة.
وكان من اللازمة أن يتم دعم عمليات الاعتراف بعملية التركيز أي إنتاج مستلزمات الاندماج وتقوية الأواصر التي يعتمد عليها بناء الأمة والتي أهمها كما قلنا هو الوعي.
وهذا ما نسميه بالاندماج الناقص لأن الأمة الإسلاميّة كانت تتأسس على مرحلتين: