ـ(147)ـ
ومن هنا فأننا نلاحظ أن الاندماج الذي كان يفترض فيه الاستمرار حتّى يستوعب الإنسان وحتى يوم القيامة تعثر بعد ثلاثين سنة ولم يتواصل، أي أن الاندماج ظل ناقصاً.
لأننا كما قلنا كان الاندماج يعتمد على الوعي كعنصر أساسي بحيث أن طبقة اجتماعية ما تظل منتجة لمنط خاص من الوعي يوائم كلّ عصر ومصر وهي لذلك قادرة على إنتاج الجديد دون إغفال الأسس والثوابت التي يريدها الوحي.
ونحن نعلم أن هذا النمط لا ينتج بدون حالة مقدمية تهيء لإنتاج هذا الوعي وهي ما نسمية بالاعتراف وكل ذلك لابد أن يأتي من خلال برنامج إذ لا يمكن أن يسيطر الإسلام على كلّ الأرض وكل إنسان، والى يوم القيامة بدون برنامج.
وعلى صعيد الواقع رأينا الإسلام قد بشر بأنه سيوحد البشرية ويقيم حكومة العالم الواحد ولم يبشر بذلك فقط بل سعى فعلاً لأن ينجزها على يديه مشعرا بوجود الاستعداد الكافي لدين من ناحية الوسائل والأدوات و إلاّ كانت ادعاءات توحيد العالم مجرد أماني وأحلام ورغبات لا يصدقها الواقع المعاش وهذا لا يجعل للإسلام فرقاً عن الأيدلوجيات الأخرى التي تدعي مدعيات كثيرة ثم تعجز عن تنفيذها لوجود قصور طبيعي فيها، الأمر الذي لا يصح افتراضه بالنسبة لوحي الله الكامل والمعصوم.
ولهذا فإن افتراض العكس يعني أن الله أنزل وحياً غير متكامل طبقة المسلمون ووصلوا إلى المأزق والأزمة العالمية الحالية وهذا يستحيل على الله فيقتضي أن نفرض الكمال في الوحي وهو ما نصت عليه الآية [اليوم أكملت لكم دينكم](1).
وان أحد أشكال الكمال يفترض الأعداد وضع البرامج للتنفيذ لإنجاز الأهداف.
______________________
1 ـ سورة المائدة: 3.