ـ(144)ـ
وأوروبا، وبالفعل فقد ولدت أكبر دولة إسلامية في ذاك العصر بعد أن (كسب إسلام العصر الأول من الأطلسي إلى بحر الصين من جهة، بثورة اجتماعية قطعت مع التصور الروماني للملكية بوصفها (حق استعمال وتفريط وإفراط) وحالت دون تكديس الثورة في قطب من المجتمع وتكديس الفقر في القطب الآخر واكتسبه من جهة ثانية بوحي الهي كنس المذاهب المغلقة وامتيازات إمبراطوريتين فارس وبيزنطة المتحدتين)(1).
أما بالنسبة للثقافة فقد امتاز العربي آنذاك بثقافة توحيدية عريقة موروثة عن ديانتهم التي عرفت بالحنيفية التي طعمت بالوثنية قبيل ظهور الإسلام بقليل هذا فإن الوثنية كانت ديانة حديثة لم تنتشر في كافة القبائل وأن انتشرت في بعضها، فإن هذا البعض ظل يحافظ على الكثير من معالم دين التوحيد القديم فقد (كانت أديان العرب مختلفة بالمجاورات لأهل الملل والانتقال إلى البلدان والانتجاعات فكانت قريش وعامة ولد معد بن عدنان على بعض دين إبراهيم (2).
أما بالنسبة للمؤهل الثالث فهو الانسجام مع الدور المفترض أي بناء حضارة عالمية تستند إلى الوحي وهو دور يحتاج إلى قدر من الانسجام مع الذات أي عدم وجود ثقافة وحضارة سابقة تعيق قبول القيمة الجديدة أو تساهم في استيعابها في الموروث الحضاري والثقافي الخاص.
ولهذا استطاع العرب الذي هم بلا موروث تقريباًُ استيعاب الإسلام لولا الموروث القبلي الذي كان وحده عنصر إعاقة ومع ذلك فقد أصبح الإسلام وحده عنصر بناء الأمة الإسلاميّة بعد خوضه صراعاً ضد ثقافة القبيلة والديانة المحلية (مزيج الحنفية والوثنية المستوردة).
ثم تأسيسها لقوة سياسية حاربت استقلال القبائل ودويلات المدن في الجزيرة ثم بنت دولة متفوقة من خلال ممارسة أول تجربة اندماج إسلامي قوامه
______________________
1 ـ مجلة دراسات عربية، الجوامع المشتركة بين الأصوليات الإسلاميّة المعاصرة، رجاء (روجية) غارودي، تعريب جليل أحمد خليل: 11.
2 ـ تاريخ اليعقوبي: 254.