ـ(143)ـ
المجاورة ثم لتمر عدة قرون حتّى وصلت الآثار إلى كلّ أصقاع العالم حتّى شهدنا في القرون الوسطى قيام حضارة الغرب.
وهكذا ارتبط تاريخ العالم شرقاً وغرباً بذلك الحدث الذي اتخذ من أمة مجهولة أداة له لإرساء قيم، وخلق أوضاع خاصة ثم ليفرضها على العالم تاركاً على التاريخ حتّى عصرنا الحاضر حيث نرى أن الشرق والغرب بات اليوم معني بالإسلام فإذا هبت مصر انتصرت إيران وإذا قتل المسلمون في الجزائر فإنهم انتصروا في بقع أخرى.
فالواقع العالمي اليوم يرتبط بالإسلام بصورة كلية لن يتاح للإسلام البقاء بدون إنجاز مخاضه النهائي ولا يمكن للغرب أن يبقى مسيطراً بدون إزاحة الإسلام.
هذا الدين يمثل أزمة العالم ومن هذه الزاوية فإن كلّ أبعاد الأزمة ترتبط بالفعل الذي أداه حملة الدين آنذاك وعلى هذا الأساس فإن كلّ الأزمة تعود إلى تلك التجربة التي مارستها القبائل العربية وتحمل عناصر قوتها بالمقدار الذي أرسته في تطبيها للوحي الإلهي وتبرز عناصر ضعفها بنفس المقدار الذي أغفلت فيه بعض تعاليم الوحي وقواعده.

جذور الأزمة:
يمكننا افتراض جملة أسباب موضوعية لاختيار العرب كحملة للدين خارج الأسباب الغيبية، منها:
1 ـ الموقع الجغرافي.
2 ـ الخلفية التوحيدية.
3 ـ الأمة البكر.
فبالنسبة للموقع الجغرافي فقد امتازت الجزيرة بموقع يساعد على امتداد الدين في العالم القديم (آسيا، إفريقيا، أوروبا) بسرعة مذهلة لقرب الجزيرة من إفريقيا