ـ(134)ـ
أن حضارة منهارة لا ينتظر منها غير ما أفرزته على أرضها كما لا نستغرب أن تسفر هيمنة الغرب الذي هذه هي حضارته عن إدارة مدمرة للكرة الأرضية دامت قروناً فالحفاظ بعد إزالة الاستعمار على علاقات تبعية تفرض من خلال الاستعمار الجماعي المجسد في صندوق النقد الدولي (F.M.I) وبالمصرف العالمي اقتصادات مشوهة لا ترتكز على حاجات الشعوب المغلوب على أمرها، بل ترتكز على المنتوجات الأحادية والزراعات الأحادية المخصصة للتصدير لأجل تسديد فوائد الديون أدى إلى هذه النتيجة 50 مليون من الموتى جوعاً أو بسبب سوء التغذية وهكذا تفرض هيمنة الغرب الاقتصادية هيروشيما يومية على العالم الثالث.
ترى ما العمل إزاء هذا الواقع المأساوي المرّ والذي عجزت معه الحكومات والأنظمة عن مواجهة الإرادة الاستكبارية وانساقت مع التوجهات الغربية لضرورات تقتضيها الرغبة في البقاء على رأس السلطة وان تقاطعت مع خيارات الأمة التي ترفض الخضوع والخنوع لمشيئة القوى الكبرى الطامعة بثروات الشعوب وخيراتها ؟!
أن الواقع السياسي الذي أفرزه النظام العالمي الجديد ميز بين خطين مختلفين ومتقاطعين في عموم الساحة للوطن الإسلامي هما:
1 ـ خط الضرورات الذي عليه الرسميات في العالم الإسلامي والذي سوغ لنفسه الانخراط في اللعبة الدولية فتقبلها وتعايش معها والتزم أو الزم بنتائجها وصار جزء منها.
2 ـ والخط الآخر يتمثل بخط خيارات الأمة الرافضة للتطويع والتطبيع المصممة على المواجهة والتصدي لهاذ التحدي بما تستطيع مع علمها بما لهذا الموقف من استحقاقات وضرائب، هي بذلك لا تملك خياراً آخر حينما تجد نفسها وجهاً لوجه أمام عواصف هو جاء لهجمة حضارية تستهدف وجودها وهويتها وكل عناصر القوة وأسباب الحياة.
والخارطة الجديدة بتقسيماتها المعقدة هذه وضعت الأمة بين كماشة الأنظمة الحاكمة التي تقاطعت معها ولم تعد تمثل رأيها وإرادتها وبين القوى