ـ(133)ـ
والآمال المشروعة ومن هنا تأتي أهمية وجدوى التفكير الجاد في طرح البدائل واقتراح السياسات التي يمكن من خلالها التعاطي مع إشكاليات النظام العالمي الجديد شريطة أن ينطلق ذلك التفكير من زاوية تحملها بمسؤولية معالجة قضايانا وتبنيها والدفاع عنها وليس من منطلق تكليف الآخرين في الذود عن حقوقنا واستجداء عطفهم واستدرار مشاعر الخير في عالم لا يحترم فيه غير المبادر الكفوء، خاصة ونحن أصحاب حضارة رائدة تؤهل حملتها للدخول في معترك الصراع الحضاري والتعاطي مع العالم بكفاءة عبر حوار حقيقي مع حضارات الدنيا لاستكشاف نقاط الاختلاف والائتلاف معها، وليس من خلال اعتزال العالم والانكفاء على جزيرة الذات المغلقة.
إننا لا نخشى الانفتاح على العالم الغربي حضارياً بسبب واضح جلي تتحدث فيه الأرقام عن إرهاصات سقوط تلك الحضارة المادية البائسة التي نهش الانحلال المعنوي والأخلاقي بنيتها الأساسية وشهدت على ذلك زيادة معدلات الجريمة وتصاعد وتائرها ويكفي في هذا الصدد أن نثبت ما سجلته دوائر الشرطة في نيويورك وحدها عام 1989م تاركين ما لم تضبطه سجلات البوليس وهو بلا شك اكثر مما تدونه السجلات الرسمية:
فهناك حادث اغتيال في كلّ خمس ساعات وانتهاك حرمة امرأة كلّ ثلاث ساعات واعتداء على شخص كلّ ثلاث دقائق وهذا يعني حدوث 712419 جريمة منها:
1905 حوادث اغتيال.
3254 حادث انتهاك.
93377 عملية سطو في الشارع.
يضاف إلى كلّ ذلك وجود 14 مليون مدمن ومدمنة على المخدرات في الولايات المتحدة وحدها ومعهم حيوانات بشرية تفوق هذا العدد بلا هدف ولا مستقبل أما كلمة (لا مستقبل) فقد صارت شعاراً يكتبه (الپونكز) على قمصانهم ليذكر بتشنجات وانحلالات الانحطاط الروماني في أسوأ ساعاته.