ـ(135)ـ
الدولية المتحالفة ضد الشعوب وهو أمر غاية في الخطورة والتعقيد ولكن لا سبيل معه إلى عودة أو تراجع أو رجوع وإزاء هذا الواقع لابد للأمة من تحصين نفسها عبر مشروع مصالحة داخلية ينتهي بقيام وحدة إسلامية شعبية تتسلح معه الجماهير بالوعي لا لكي تحمي نفسها فحسب وإنّما لكي تنقل معسكر الضعف والرعب إلى الطرف الآخر وهذا من شأنه أن يلقي على عاتق الأنظمة الإسلاميّة والعلماء والحركات السياسية الإسلاميّة والحوزات العلمية والمنظمات والهيئات الشعبية وكل الجماهير الإسلاميّة مسؤوليات جسام تتناسب وخطورة الموقف وروعة الخيار الذي تبنته الأمة في صراعها ضد من يسعون لإذلالها وسحقها وإلغاء تاريخها ومصادرة حاضرها ومستقبلها.
أن تمحور الجماهير حول هذا الهدف الستراتيجي سيجعل من هذا الكم الهائل قوى ضاغطة تضطر الأنظمة الحاكمة لتغيير مواقفها المتخاذلة في هذه المعادلة السياسية غير المتكافئة فتدفعها نحو المسار الصحيح عبر إيجاد رقابة شعبية تمارسها الأمة بكل فئاتها إزاء الأنظمة وتدعوها لانتهاج سياسة منسجمة مع إرادة الأمة بكل ما يعني ذلك من تغيير في طريقة التعامل مع الجماهير ومع الأنظمة الأخرى ومع الوضع الدولي الجديد الذي لا يمكن أن يقهر أمة كما لا يمكن أن يستدرج حكومة تدعمها الجماهير وبذلك تتعطل معادلة إرغام الشعوب على تبني سياسات الأنظمة وتستبدل بمعادلة جديدة قائمة على تقييد الأنظمة بخط الأمة ومتبنياتها وتتحول مقولة (جئنا لنبقى) التي تطرحها اكثر الأنظمة الحاكمة إلى شعار (جئنا لنخدم) أو (نبقى بقدر ما نخدم) وبذلك تتخلص الأمة من اضطهاد الأنظمة حينما تشعر الأخيرة بأنها أمام تيار يتحرك باختياره وفق إيقاعات متناسقة من الوعي والوضوح في الرؤية والمصلحة العليا وبغض النظر عن التقسيم الجغرافي والإداري المصطنع إذ الأمة على امتداد مساحة الوطن الإسلامي تراقب مسار الأنظمة كلها وطريقة تعاملها مع شعوبها وترصد كلّ التجاوزات على تلك الشعوب فتتصدى لها مؤكدة بذلك وحدة الأمة وضرورة الحفاظ على الأمن الجماعي لكل شعوبها وهو ما يجنب الجماهير محاولات الاستفراد بها في إقليم