ـ(132)ـ
الناتج القومي العالمي لعام 1979م بحيث وصل عام 1990م إلى 6 و 15% وهو تراجع خطير يزيد من مسافة الهوة بين هذه الدول المتعبة ودول العالم المتقدمة، كما انخفض معدل دخل الفرد هنا من 5 و 9% عام 1982 إلي ما مقدار 40 و6 % عام 1990 وذلك قياساً بمعدل دخل الفرد في الدول الغنية وليت الأمر قد توقف عند هذا الحدّ من التردي وإنّما الخطورة تبدأ من هنا حينما تلقي مثل هذه المعدلات المتسارعة نحو الهبوط بظلالها على المجتمع فتفرز من النتائج الاجتماعية والأمنية والأخلاقية والأقتصادية والسياسية والصحية ما هو أخطر واضر الأمر الذي يضع العالم الإسلامي كله أمام تحديات جمة لا تواجه بالسلبية وعدم الاكتراث وإنّما لابد لها من العمل الجاد وعلى كافة الأصعدة للخلاص من ويلاتها ونتائجها.
ومما يدعو إلى التفاؤل في هذا الصدد هو أن الغرب ليس عالماً منسجماً يسوده الوئام الفكري والمصلحي مما يجعل الباب مفتوحاً أمام طرح العديد من البدائل والاحتمالات عبر مدّ جسور الحوار والعلاقات مع بعض الدول الغربية بحثاً عن خواصر ضعيفة في الوضع الدولي لاختراقه وايجاد الثغرات في السدود والقيود التي يراد لها أن تطوق حركة المسلمين وتضعف قواهم، خاصة وأن تناقض المصالح في بلدان العالم الرأسمالي من جهة وظهور الصين وروسيا واليابان كقوة منافسة من جهة ثانية والهاجس الأمريكي من الوحدة الأوروبية وما ستتمخض عنه تلك الوحدة من آفاق من جهة ثالثة تنبئ كلها عن أن لحظة تاريخية أخرى تلوح في الأفق قد تخلف اللحظة التاريخية التي تتربع فيها الولايات المتحدة على عرش الهيمنة العالمية في هذه الحقبة التي لا نعتقد بأنها القدر الذي لا يزول ولا أن أمريكا هي الإله الذي لا يفنى أن التحولات العالمية المتسارعة خلال القرن الجاري أثبتت وبالوقائع والأرقام أن لا ثوابت في عالمنا وأن لا خلود لوضع أو نظام وفوق هذا وذاك أننا على يقين بأن لله تدبيراً آخر غير ما يدبرون وتدبيره سبحانه هو وحده النافذ ولله الأمر من قبل ومن بعد ولله عاقبة الأمور وأن يقيناً كهذا هو بلا شك رصيد عظيم لأمة لأخيار لها سوى مواجهة التحديات واثبات وجودها في عالم لا يقوى فيه الضعفاء والمتشائمون على تحقيق الأماني