ـ(131)ـ
بعيداً عن أي معيار أخلاقي فإذا ما أرادات استصدار قرار هيأت الأجواء للتصويت عليه، وكما حدث في حرب الخليج، وإذا ما أرادت أن تلغي قراراً فلا تكلف نفسها بأكثر من كتابة مسودة قرار وأجراء مشاورات مع من تراه قادراً على تمريرة وكما حدث في إلغائها للقرار رقم 3379 الصادر عن الجمعية الوطنية للأمم المتحدة عام 1974 والذي يساوي بين الصهيونية والعنصرية.
أن الاستقطاب الأمريكي للمنظمة الدولية واحتوائها كانت حلقاته قد اكتملت في أعقاب انهيار الاتحاد السوفيتي وتلاشي المنظومة الاشتراكية وانتهاء دورها ككتلة موحدة داخل الأمم المتحدة وبذلك خسرت دول العالم الثالث فرصة المناورة وحرية الحركة والتعبير عن الرأي التي كانت توفرها لها تناقضات المعسكرين الغربي والشرقي هناك، الأمر الذي يتطلب من الدول الإسلاميّة بشكل خاص ودول الجنوب بشكل عام أن تمارس قدراً من الفصل الناشط داخل المنظمة الدولية لتقوية دورها والأخذ بيدها للخلاص من ورطة الخضوع للقناعة الأمريكان وإنقاذها من أسر القطب الواحد، وإلا فستظل المنظمة الدولية أداة بيد الأمريكان لتمرير مخططاتهم وتحقيق مآربهم أما مواجهة الحالة الخطيرة هذه بالرفض والانسحاب والإدانة فليس أكثر من انزواء عن الميدان العالمي ولعن للظلام في عالم أحوج ما يكون لإضاءات شموع الأمل إذ لا مكان في هذا العالم للسلبية في ساحة ملتهبة ساخنة بصراع الارادات ولعل هذا الموقف ليس إلاّ تهميش لدور العالم الإسلامي في ساحة التحولات الدولية أما الركون للواقع المر فهو الآخر لا يعني إلاّ التبعية والانسحاق وتحمل استحقاقاتهما وبما لا يخدم المصالح الذاتية لشعوب المنطقة وبلدانها التي لن تكون اكثر من أسواق لمنتجات الصناعة الغربية ومواطن لنهب خيرات المنطقة التي لا تكتفي ـ في أحسن الفروض ـ لتسديد ديونها المستحقة وبما يرمي المنطقة وشعوبها في وهدة التخلف والاستلاب التي لا أمل في الخلاص منها، وحسب المرء أن يطالع الإحصائيات التي أفاد بها تقرير التنمية البشرية لعام 1993 حول تردي الأوضاع الاقتصادية ليدرك عمق الكارثة التي تحل بعالمنا الممتحن، فلقد انخفض الناتج القومي للدول النامية من 2 و32 % من