ـ(128)ـ
والحضارية فيصمد المسلمون هناك بإصرار أمام التذويب الأمر الذي لا يملك معه الأعلام المنحاز إلاّ مواصلة النقد للإسلام والتشهير، بأهله باعتبار موقفهم موقفاً معادياً للحضارة الغربية وليس لأن الإسلام مبدأ يمتاز بالاستقلالية ويستعصي على الاحتواء والتذويب، وفي إزاء ذلك لابد من الاعتراف بأن المسلمين عجزوا عن تقديم أنفسهم للعالم بالشكل الحضاري الصحيح السليم والمقبول كما عجزوا عن أن يقدموا نموذجاً عملياً مقنعاً على صعيد الصناعة والزراعة والإنتاج والتكنولوجيا واكتفوا بالتشنيع بالغرب وما فيه دون أن يعطوا بديلاً لما يشنعون به من أفكار غربية عبر خطاب رشيد، فصار التخلف الذي يغط فيه عالمنا الإسلامي أقوى أدلة الإدانة التي يمتلكها خصومنا في ساحة يتسابق فيها الآدميون نحو الرقي ويقطعون أشواطاً كبيرة في هذا المضمار.
4 ـ لقد ساهمت بعض الأنظمة الحاكمة في العالم الإسلامي في تغذية الغرب بأسباب الخوف من الإسلام وبذلوا جهوداً كبيرة في اقناع المسؤولين الغربيين بخطورة الحالة الإسلاميّة المتنامية في العالم الإسلامي وما تمثله تلك الحالة المتصاعدة من تهديد جدي لمصالح الغرب ولاستقرار البلدان التي تتنامى فيها الصحوة الإسلاميّة كما أن صحف الغرب ووسائل اعلامه تعج باستغاثات المثقفين العلمانيين وهم يستنجدون بالغرب للتدخل في ايقاف الزحف الإسلامي دفاعاً عن الحضارة الغربية المهددة وهم بذلك يرمون عدة عصافير بحجارة واحدة فهم بذلك يوحون للغرب أن بقاءهم في السلطة مدة أطول يعني ديمومة المصالح الغربية التي سوف يأتي عليها البديل الإسلامي أولاً وهم يغطون على فشلهم الذريع في تنمية المجتمعات والدول التي حكموها ثانياً ومن ثم يسعون إلى التهرب من حل مشكلات مجتمعاتهم المستعصية ثالثاً وتضليل الرأي العام العالمي كي لا يقول كلمة نقد تجاه سياساتهم القمعية ومصادرتهم للحريات واستخفافهم بحقوق الإنسان رابعاً وهم هنا يبررون فشلهم هذا بانشغالهم في مواجهة الإسلاميين والخطر الإسلامي وبذلك تتغذى هذه الأنظمة الفاشلة على حساب الجماهير ولو بالارتماء في الحضن الغربي والصهيوني وكسب ودّه بأي ثمن مما