ـ(127)ـ
خلال تركيزه على ما يثير الغربيين من ممارسات خاطئة يرتكبها بعض المسلمين حتّى لم يعد الغربيون قادرين على التمييز بين الإسلام والممارسات اللامسؤولة التي يقترفها المسلمون وقد تعامل الأعلام الغربي بمهارة في هذا الميدان من خلال الإلحاح اليومي والإثارات السلبية المدروسة فبث في أعماق النفوس شعوراً بالخوف والتوجس والنفور من كلّ ما هو إسلامي أو يمت إلى الإسلام بصلة فصار الوعي العام الغربي أسير اللافتات والصور التي تفنن الأعلام المعادي للإسلام في صياغتها وإبرازها.
3 ـ الطبيعة الاستعلائية والاستبدادية للمشروع الحضاري الغربي والنظرة الفوقية للإنسان الأبيض الذي يرى في نفسه الأفضل والارقى والأولى بالحياة مما صيّر من الغربيين أناساً يصنفون "الآخر" في قائمة التخلف السوداء إن لم يحكموا عليه بالإبادة المادية والحضارية وكما فعله الأوروبيون المهاجرون إلى أمريكا بالهنود الحمر، السكان الأصليين لتلك الأرض، ويشهد على هذا التوجه ما كتبه فرنسيس فوكويا ما تحت عنوان "نهاية التاريخ" والذي تعامل مع الآخرين بمنطق الإلغاء والنفي وتتويج الحضارة الغربية على عرش الكون، تلك الحضارة التي لا تؤمن بشرعية غيرها ولا بالتعددية على الساحة الدولية وإن نادت بضرورتها على الصعيد المحلي والإقليمي ذلك لأن الحضارات الأخرى في القاموس الغربي لا تستحق إلاّ أن تكون في الدرجة الثانية والثالثة فما دون وهي في أحسن حالاتها لا ترقى أن يكون نداً لما أنتجه الإنسان الأبيض من رؤى وأفكار وحضارة.
ولذلك يصرّ المشروع الحضاري الغربي على احتواء الآخر وسحقه فيما تستعصي الحالة الإسلامية على الاحتواء ويقف الإسلام متحدياً ذلك الإصرار زارعاً في نفوس معتنقيه بذور الحصانة من الاحتراق ومشاريع الاحتواء ومحاولات الإلغاء وهو موقف يميز الإسلام عن غيره من الحضارات والمدارس الفكرية العاجزة عن مقاومة التطويع والتطبيع ولعل ذلك هو السبب في ما تعانيه الأقليات الإسلاميّة في الدول الغربية وكما يتجلى ذلك على الأرض الفرنسية التي تصرّ حكومتها على تذويب المسلمين في المجتمع الفرنسي وإلغاء هو يتهم الثقافية