ـ(117)ـ
ولما فشل هذا المذهب بين المسلمين حصل لدينا ـ كما حصل لأهل الكتاب من قبل ـ طائفة يحملون اسم الإسلام لا يهتمون بشرائعه ولا بنظامه الاجتماعي ولا لولاء فيه ولا براء فالحلال والحرام في الإسلام شريعة ناسبت زمانها وظاهرة اجتماعية لا تلائم عصرنا، والولاء الحقيقي في هذا الزمان ولاء حضارة إنسانية عامة الاعتداد فيها بالوطنيات والقوميات قبل الأديان، والانحياز فيها ما تجاوز الحدود الوطنية القطرية فهو للطبقة الاجتماعية أو المهنية أو لمواثيق إنسانية عامة تنظر إلى الدين بإشفاق أن يفرق وحدتها وينقض غزلها.
هكذا تبدو اللادينية (العلمانية) وكأنها دين جديد يكاد يقسم البشرية إلى طائفتين: طائفة لا تعتد بالدين ولا يمس جوهر حياة الجماعة والفرد عندها مهما حملت من أسمائه أو انتمت إلى حضارته وتراثه وذلك غاية ما يعنيها منه !! وطائفة أخرى ترى الدين محور حياتها الخاصة والعامة فهي مشغولة بأحكامه ومهمومة بقضايا الأمة مهما فرقت بينها التقسيمات التاريخية أو المذهبية أو القومية.
وتوشك أن تبرز بسبب القضايا العصرية الملحة خطوط تقسيم موضوعي بحسب المواقف وحدود طوائف جديدة ليست لها في تراثنا أسماء ولا في تاريخ طوائفنا وصف.
ترى لو تساءل جيل من أبناء المسلمين عن القرآن الكريم، هل شرائعه لا تزال نافذة أو استنفدت أغراضها ؟ وتساءلوا هل خاطب العرب وحدهم أو هو للعالمين ؟ وتساءلوا هل هو وحي إلهي أم عبقرية إنسانية ؟ وأجاب العلماء بأن أقوال المسلمين في القرآن أنّه قديم غير مخلوق أو أنّه مخلوق ترى هل أجاب العلماء على السؤال وهل فهم الجهلاء الجواب ؟
قضايا العصر:
لم يكن مجال العقائد وحده هو الذي تأثر بالفلسفة المادية المعاصرة، بل إن آثار هذه الفلسفة في النظريات السياسية والمذاهب الاقتصادية، وفي مجال السلوك