ـ(66)ـ
ضربوه عشرا حتّى أقر فأتى بالسرقة، فقال "سبحان الله ما رأيت جوراً أشبه بالعدل من هذا"(1) ولهذا اصل، فإن النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ طلب من الزبير بن العوام أن يعذب كنانة بن أبي الحقيق حين أنكر وجود الأموال لديه في غزوة خيبر، فعذبه الزبير حتّى جاء بالمال(2) ولا يكون ذلك إلاّ إذا كان هناك شعور بكذب المتهم أو قرائن تدل على أنّه هو صاحب الجريمة. وقد أفتى بصحة الإقرار في هذه الحالة عدد من علماء الحنفية، وعن الحسن بن زياد (صاحب أبي حنيفة): "يحل ضرب المتهم حتّى يقر"(3) وذكر ابن عابدين نقلاً عن ابن العز الحنفي في كتابه (التنبيه على مشكلات الهداية) انه قال: "الذي عليه جمهور الفقهاء في المتهم بسرقة ونحوها أن ينظر، فأما أن يكون معروفاً بالبر لم تجز مطالبته ولا عقوبته، وهل يحلف ؟ قولان، ومنهم من قال: يعزر متهمه، وأما أن يكون مجهول الحال فيحبس حتّى يكشف أمره، قيل شهراً وقيل باجتهاد ولي الأمر، وإنّ كان معروفاً بالفجور، فقالت طائفة يضربه الوالي أو القاضي، وقيل: يضربه الوالي دون القاضي"(4).
والإسلام حرم الظلم قال سبحانه "وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل"(5)، وقال "قل أمر ربي بالقسط" (6)، وقال "إنه لا يحب الظالمين"(7)، وقال "إنّما السبيل على الّذين يظلمون الناس، ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم"(8).
وقال صلى الله عليه وسلم "اتقوا الظلم فان الظلم ظلمات يوم القيامة"(9)، وجاء في الحديث القدسي "يا عبادي أني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته
__________________________________
1 ـ الدر المختار 3: 213.
2 ـ إمتاع الأسماع: 320.
3 ـ الدر المختار 3: 212.
4 ـ رد المختار لابن عابدين 3: 212.
5 ـ سورة النساء: 58.
6 ـ سورة الأعراف: 29.
7 ـ سورة الشورى: 40.
8 ـ سورة الشورى: 42.
9 ـ رواه مسلم.