ـ(56)ـ
رابعاً: حق التمتع بالجنسية:
عبر الإسلام عن الجنسية (بالرعوية)، وسمى المواطنين رعية، وذلك في الحديث الشريف "كلكم راع و كلكم مسئول عن رعيته"(1)،والحديث الآخر "اتقوا الله في الرعية"، وهي حق لكل إنسان ولد في بلاده وعاش في ظل دولته، والتزم بنظامها، لان الإسلام يقيم الانتماء على أساس العقيدة، فأي مسلم في أي أرض فهو أخ للمسلم، وأي أرض تحكم بالإسلام والمسلمين أو هي للمسلمين ولو حكمت ظلماً بغير المسلمين فهي للمسلمين، والمسلمون فيها إخوة للمسلمين في أي أرض أخرى، ولهم جميعاً في نظر الإسلام حق التمتع بجنسية تلك الأرض لقوله تعالى [إنما المؤمنون إخوة](2)، وقوله [والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض](3)، ولقوله ـ صلى الله عليه وآله ـ "المسلم أخو المسلم"(4)، فالأخوة تمنح الإنسان المسلم جنسية لا تتعلق بالعرق ولا باللون ولا بالجنس ولا بالبلد ولكن بالعقيدة، وغير المسلم يستحقق هذه الجنسية أو الرعوية بالذمة والعهد لقوله ـ صلى الله عليه وآله ـ: "لهم مالنا وعليهم ما علينا"(5).
والتعبير بالجنسية تعبير حديث لأن أساس الرابطة في الإسلام رابطة العقيدة والفكر والذمة، ولا يمنع الإسلام من الانتساب للبلد، فقد كان المسلمون يقولون "جند الشام، وجند العراق وجند خراسان وجند مصر، وكانوا يقولون: هذا شامي، وهذا أندلسي، وهذا مصري، وهذا مغربي، وهذا مر وزي وهذا هندي وهكذا، لا على أساس الجنسية بل على أساس سكنى البلد، ويجمعهم جميعاً عقيدة واحدة، أما الجنسية القائمة اليوم في البلاد الإسلاميّة فلا مانع من إعطائها على أن تكون بالمعنى الإسلامي، فلا تمنع من حرية تنقل المسلم من بلد إلى آخر
__________________________________
1 ـ رواه البخاري ومسلم.
2 ـ سورة الحجرات: 9.
3 ـ سورة التوبة: 71.
4 ـ رواه البخاري.
5 ـ من كتاب النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ إلى فروج ابن شخسان أخي سليمان الفارسي السيرة المحمدية لزيني دحلان.