ـ(46)ـ
2 ـ حرية الإنسان الشخصية:
الإسلام قرر للإنسان حريته الشخصية لكنها حرية مقيدة بأوامر الدين من جهة، وأوامر الدين تفرض أن لا يسيء إلى الآخرين من جهة أخرى، فالحرية الشخصية ليست مطلقة فوضوية بل هي مقيدة بالأمرين معا، فلا يجوز للإنسان في نظر الإسلام أن يتصرف كما يهوى بل لابد أن يتقيد في لباسه ومأكله وشربه بما أحله الله لـه ، فله أن يلبس ما يشاء ما دام لا يكشف عورته أو يمشي عارياً ن وله أن يأكل ويشرب ما أحب إلاّ ما حرمه الله كلحم الميتة والقاذورات والخمرة والمخدرات، وله أن يتزوج بمن يشاء وتشاء، لكن ليس لـه أن يزني أو أن يقترف الشذوذ الجنسي ولو برضا الطرفين لأنه مقيد في حريته الشخصية بأوامر الدين وذلك من أجل الحفاظ على سلامة الصحة والمجتمع والأخلاق.
والإسلام ترك الناس أحراراً في عباداتهم وأحوالهم الشخصية [لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي](1).وصان الإنسان في دمه وعرضه وماله، ومنع الاعتداء عليه، قال محمّد ـ صلى الله عليه وآله ـ [كلّ المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه](2).
وحقيقة الحرية الشخصية أنها تشمل حرية الذات وحرية الملك وحرية الرأي وحرية التعليم وحرية الاعتقاد، وسأذكرها مفصلة فيما بعد، غير أنّه ينظمها جميعا باعتبارها حرية شخصية عامة ثلاثة أمور:
أوّلاً: حق الحياة:
وهذا ما قرره الإسلام للإنسان في خلقه، وتسخير جميع ما في الكون لـه ، وجعلها ميسرة لـه لينتفع بها [هو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه](3)، كما يقول تعالى، وهي للناس جميعاً من غير تفريق.
__________________________________
1 ـ سورة البقرة: 256.
2 ـ رواه مسلم.
3 ـ سورة الملك: 15.