ـ(32)ـ
وأوضح مرة معنى الرواية الصادقية في هذه الألفاظ: يعني: ما ظهر لـه تعالى فعل في أحد من أهل البيت ـ عليهم السلام ـ ما ظهر لـه في إسماعيل، وذلك أنّه كان الخوف عليه من القتل مشتداً، والظن به غالباً فصرف الله عنه ذلك بدعاء الصادق ـ عليه السلام ـ ومناجاته لله، وبهذا جاء الأثر عن الرضا علي بن موسى ـ عليهم السلام ـ وليس الأمر في هذا الخبر على ما ظنه قوم من الشيعة في: أن النص قد استقر في إسماعيل فقبضه الله إليه وجعل الإمامة من بعده في موسى ـ عليه السلام ـ ، وقد جاءت الرواية بضد ذلك عن أئمة آل الرسول ـ صلى الله عليه وآله ـ فروي أنهم قالوا: "مهما بدا لله في شيء فإن لا يبدو لـهفي نقل نبي عن نبوته ولا إمام عن إمامته، ولا مؤمن قد أخذ عهده بالإيمان عن إيمانه"(1).
3 ـ وعلى ذلك إجماع فقهاء الإمامية ـ ومعهم ـ في هذا الخصوص أثر عنهم ـ عليهم السلام ـ أنهم قالوا: (مهما بدالله في شيء فلا يبدو لـه في نقل نبي عن نبوته، ولا إمام عن إمامته، لا مؤمن قد أخذ عهد بالإيمان عن إيمانه) وإذا كان الأمر على ما ذكرناه فقد بطل أيضاً هذا الفصل الذي اعتمدوه وجعلوه دلالة على نص أبي عبدالله على إسماعيل)(2).
و ـ بعض أمثلة البداء من القرآن:
والآن: ينبغي التوجه إلى تعريف البداء المتقدم، ومؤداه: أن البداء لا يطلق على كلّ تغير في التكوين، بل يطلقا على ظهور أمر غير مترقب الذي لم يكن بحسبان العبد حدوثه، كما يقول شيخنا المفيد:
(وإنّما يوصف منها بالبداء مالم يكن في الاحتساب ظهوره، ولا في غالب الظن وقوعه... فهو خاص فيما يظهر من الفعل الذي كان وقوعه يبعد في النظر دون المعتاد، إذ لو كان في كلّ واقع من أفعال الله تعالى موصوفاً بالبداء في كلّ أفعاله، وذلك باطل بالاتفاق) (3).
__________________________________
1 ـ المسائل العكبرية للمفيد قدس سره: 224 ـ 225.
2 ـ الفصول المختارة للمفيد قدس سره: 251.
3 ـ تصحيح الاعتقاد للمفيد قدس سره: 251.