ـ(30)ـ
جزاء كسبهم وبأن لهم ذلك، وتقول العرب: قد بدا لفلان عمل حن، وبدا لـه كلام فصيح، كما يقولون: بدا من فلان كذا، فيجعلون اللام قائمة مقامه، فالمعنى في قول الإمامية: بدا لله في كذا، أي: ظهر لـه فيه،ومعنى ظهر لـه : أي:ظهر منه)(1).
وإذا وصل الكلام إلى معنى كلمة "بدا لله" فأرى أن ننظر في الحديث الذي ذكره وفسره الشيخ الصدوق قدس سره في اعتقاداته، فإنه يقول:
(أما قول الصادق ـ عليه السلام ـ : "ما بدا لله تعالى في شيء كما بدا لـه في إسماعيل ابني فإنه يقول: ما ظهر لله ـ سبحانه وتعالى ـ أمر في شيء كما ظهر لـه في ابني إسماعيل إذ اخترمه قبلي؛ ليعلم أنّه ليس بإمام بعدي، والله أعلم)(2).
فالصدوق رحمه الله أيضاً يقول هاهنا: إنّ المراد من "بدا لله" هو: بدا أمر لله أي: ظهر أمر الله، وهذا قريب مما قاله تلميذه المفيد رحمه الله.
ولقائل أن يقول: إنّ أسلوب المفيد رحمه الله أروع وأبدع، وإنه يلقي خطابه بأحسن طريق حتّى لا يبقى غموض في مراده.
ولشيخنا المبجل المفيد رواية أخرى تدل على المراد من هذه الرواية أيضاً وهي كما يلي:
(أخبرني أبو القاسم، عن محمّد بن يعقوب، عن علي بن محمّد، عن إسحاق بن محمّد عن أبي هاشم الجعفري قال: كنت عند أبي الحسن ـ عليه السلام ـ بعدما مضى ابنه أبو جعفر، وإني لا فكر في نفسي أريد أن أقول: كأنهما، أعني: أبا جعفر وأبا محمّد في هذا الوقت كأبي الحسن موسى ـ عليه السلام ـ وإسماعيل بن جعفر بن محمّد ـ عليهم السلام ـ وأن قصتهما كقصتهما، فأقبل علي أبو الحسن موسى ـ عليه السلام ـ قبل أن أنطق، فقال: "نعم يا أبا هاشم، بد الله في أبي محمّد بعد أبي جعفر مالم يكن يعرف لـه ، كما بدا في موسى بعد مضي إسماعيل ما كشف به عن حاله، وهو كما
__________________________________
1 ـ تصحيح الاعتقاد للمفيد قدس سره.
2 ـ الاعتقادات ـ باب الاعتقاد في البداء ـ للصدوق قدس سره.