ـ(27)ـ
التام الكامل.
ولذا قال أبو عبدالله ـ عليه السلام ـ : "ما بدا لله في شيءٍ إلاّ كان في علمه قبل أن يبدو لـه "(1).
وقال أيضاً: "إنّ الله لم يبد لـه من جهل"(2).
د ـ اللوح المحفوظ ولوح المحو والإثبات:
ولمزيد التوضيح نقول: إنّ لله ـ سبحانه وتعالى ـ لوحين:
اللوح المحفوظ: الذي لا يطرأ عليه تغير أصلاً، وهذا التعبير يشير إلى علم الله سبحانه وتعالى.
ولوح المحو والإثبات: وهذا يشير إلى علم الملائكة الموكلين بتدبير العالم، وعلم الأنبياء والأئمة عليهم السلام، فاللوحان في الحقيقة مرتبتان، أو نوعان من العلم، وهذا التعبير أخذناه من صدر المتألهين والمجلسي رحمهما الله، وهما استنبطاه من قول الله سبحانه: [يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب](3).
فهناك لوح سموه بـ "لوح المحو والإثبات" وهناك أم الكتاب، أي: أصل الكتاب، ولا يكون فيه محو ولا إثبات ولذلك عبروا عنه باللوح المحفوظ.
ولكن بعض العلماء المتأخرين لا يقبلون هذا التعبير؛ لأن اللوح والقلم هما ملكان حسب الروايات كما قال الصدوق رحمه الله في اعتقاداته (4)، وهذا الاعتراض غير وارد على نفس التوجيه، بل إلى التسمية فقط، فإن كان إطلاق لفظ اللوح على العلم غير مرضي فيمكن أن نقول: أم الكتاب كما هو مذكور في الآية، وكتاب المحو والإثبات الذي يشير إليه القرآن في هذه الآية وآيةٍ أخرى حيث يقول: [وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلاّ في كتاب](5).
__________________________________
1 ـ الكافي ـ كتاب التوحيد / باب البداء الحديث 9 ص 148.
2 ـ نفس المصدر، الحديث 9 ص 148.
3 ـ الرعد: 39.
4 ـ الاعتقادات للصدوق رحمه الله باب الاعتقاد في اللوح.
5 ـ فاطر: 11.