ـ(25)ـ
فالبداء من الله تعالى يختص ما كان مشترطاً في التقدير، وليس هو الانتقال من عزيمة إلى عزيمة، ولا من تعقب الرأي، تعالى الله عما يقول المبطلون علواً كبيراً)(1). وبتعبير آخر، البداء صادر من علم الله وليس واقعاً في علم الله وبهذا نطقت الروايات: (2).
1 ـ عن أبي عبدالله ـ عليه السلام ـ قال: ما بدا لله في شيء إلاّ كان في علمه قبل أن يبدو لـه .
2 ـ وقال أيضاً: إنّ الله لم يبد لـه من جهل.
3 ـ وقال ـ عليه السلام ـ : ما عبدالله بشيء مثل البداء.
ج ـ النسخ في التشريع والبداء في التكوين:
ينبغي أولاً أن نلفت النظر إلى: أن النسخ في الحقيقة نوع من البداء، كما يرى بوضوح في كتب الصدوق رحمه الله: كالاعتقادات وكتاب التوحيد، ولكنا نستعمل النسخ هنا كقسيم للبداء تبعاً للمتأخرين رضوان الله عليهم، وآثرنا هذا الاصطلاح احترازاً عن خلط المبحث، فإن النسخ متفق عليه بين المسلمين، بخلاف البداء.
فالنسخ: هو أن الله سبحانه ينزل شريعته على نبي لهداية أمته، وتلك الشريعة تناسب مستوى الارتقاء الذهني والوضع الاجتماعي الذي تمتاز به تلك الأمة وقتئذ والناس يكلفون باتباع تلك الشريعة الإلهية لإحراز سعادتهم الدنيوية، والنجاح في الآخرة بالفوز بنعيم الأبد.
والوقت يمر والقرون تمضي، والأمة تقدم في الفكر وترتقي في المجتمع، فينسخ الله تلك الشريعة بإرسال رسول جديد بشريعة جديدة لإرشاد وقيادة النوع الإنساني إلى أهداف عالية ومنازل سامية كما يقول الله سبحانه: [ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها](3).
أما اليهود والهندوس فيشنعون على المسلمين بسبب هذا القول ويقولون: (هل
__________________________________
1 ـ تصحيح الاعتقاد للشيخ المفيد قدس سره: 67، م 5، تحقيق حسين الديحاهي.
2 ـ راجع الكافي: ج1 باب البداء ص 146.
3 ـ البقرة: 106.