ـ(234)ـ
الجد، وواصل الليل بالنهار، وركب الأسفار حتّى أتحف المكتبة الإسلاميّة بهذا السفر النادر والأثر النفيس، وكان الفضل في نشره إلى وزارة الإرشاد في الجمهورية الإسلاميّة.
إنّ تأليف معجم ما كتب عن الرسول وأهل بيته ـ صلوات الله عليهم أجمعين ـ عمل رائع يستحق الإجلال والتقدير. وإذا كانت الإشادة بذكره وبفضله أمراً يقتضيه العرفان والإكبار لمثل هذه الأعمال المهمة والجليلة، فإن من لوازم ذلك عرضه وبيان أهميته بالكشف عما احتواه وانطوى عليه من قيمة علمية، وتعريف الباحثين والدارسين به؛ ليكون داعياً لهم للكتابة والبحث، بعد أن وفر المؤلف مصادر ومراجع لمثل هذه الدراسات، فقطع العذر على المعتذرين.
ولعل من المناسب هنا الإشارة إلى أن الاهتمام بالسيرة النبوية المطهرة قد بدأ منذ وقت مبكر في عصر الرسول الأعظم ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ ، وبعد وفاته، وكان ذلك على أيدي بعض الصحابة وأوائل التابعين رضي الله عنهم (1). ثم استمر تدوين السيرة وكتابة التواريخ، إلاّ أن ما يمكن تسجيله: أن الكتابة والبحث في السيرة لم تسلم من النواقص، ولمن تنج من النظرات الضيقة، والأهواء المضمرة، فأخفيت حقائق، وأضيفت أباطيل، فضلاً عن النواقص الفنية الناتجة عن عدم الوصول إلى المصادر الكافية(2).
لقد نبه المؤلف في مقدمة مؤلفه إلى جملة أمور مهمة وخطيرة:
منها: صورة الإهمال المفجع لسيرة الرسول الأعظم ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ ،وسيرة أهل البيت ـ عليهم السلام ـ، وعدم تسليط الأضواء على حياتهم الحافلة بالعطاء.
ثم في التفاتة بارعة يضعنا المؤلف أمام حقيقة أخرى، وهي: أن هناك سيلاً متدفقاً من الكتابات والأطروحات والرسائل الجامعية في مختلف صنوف المعرفة، وجوانب التاريخ الإسلامي، وبالأخص تاريخ الفرق والمذاهب الضالة والمنحرفة، وتاريخ أهل الأهواء والنحل، ومع ذلك فإننا لا نجد أطروحة واحدة تكتب عن أهل البيت ـ عليهم السلام ـ لتبيين مساهماتهم الجادة في حفظ بيضة الإسلام، وكرامة المسلمين، وحماية وحدتهم.
__________________________________
1 ـ راجع كشف الظنون 2: 1012.
2 ـ مقدمة الناشر 1: 12.