ـ(233)ـ
الإسلامي الأصيل، وهي تنطوي على مناهج راقية، ومبادئ سامية، ودروس بليغة، فيستطيع المسلم أن يجد عندها البلسم الشافي لكل داء، ويتلمس فيها معاني الخير والصلاح والإصلاح، فسيرة نبينا العظيم وأهل بيته الكرام مصابيح هدى، وسفن نجاة.
لقد استوعبت تلك السيرة المطهرة الحياة بكل أبعادها، والآفاق الإنسانية بكل مراميها، وما استطاعت الأمة المسلمة أن تبني مجدها الزاهر، ولا أن تشيد بنيانها الشامخ إلاّ عندما استهدت بتلك الأنوار، وترسمت خطاهم، ونهجت سبلهم فكان ذلك العطاء المتدفق، وكانت تلك الحضارة الفذة.
إنّ تلك السيرة العطرة ما تزال أمامنا مشروعاً حضاريا ً ينتظر محاولة الاستكشاف، وما تزال تنبض بالحيوية، ويمكن الإفادة منها إفادة جدية في أية عملية استئناف حضاري أو مشروع نهضوي.
إنّ مما يؤسف لـه حقاً أننا وقفنا أمام هذه الثروة الزاخرة والمقالع الغنية موقف الإهمال، إذ لم تحظَ تلك السيرة المطهرة من قبل جميع المسلمين بالعناية والاهتمام البالغين، فلم ننزلها المنزل المبارك الذي تستحقه، ولم نجعلها محوراً لدراساتنا وأبحاثنا، ولم تظفر ندوة عالمية، أو موسم ثقافي مرموق بمعطيات هذا الفكر الثر بخزائن المعرفة المختلفة، ولم نعثر في الأطروحات الجامعية والدراسات الحوزوية من أعطاها الاهتمام المطلوب.
ولعل من المفيد هنا أن نتساءل عن أسباب مثل هذا الإهمال والعزوف، وعن انصراف أكثر الباحثين عن ارتياد آفاقها؟. اللهم إلاّ ما اقتصر على هوامشها أو بعض الجوانب التي لا تمس بحياتنا الفكرية، وإشكاليات الحياة الاجتماعية ذات الصلة بواقعنا، وبطبيعة الصراع الذي نخوضه. ولو عدنا نتساءل عن أسباب ذلك لوجدنا في جملتها. عدم توفر كشف موضوعي، وفهرست حديث يضع بين يدي الباحثين مظان الدراسة ومصادرها!
ومن هنا كان إدراك الأستاذ المصنف لهذه الحقيقة دافعاً قوياً في تصديه لهذه المهمة الجليلة، وما تتطلبه من جهود مضنية وإنفاق كثير من الوقت والمال، فشمر عن ساعد