ـ(228)ـ
مطارداً، مهدداً بالقتل، ويعبر عن استعداده لهذه التضحية فيقول: "أنا أحمل خشبتي على كتفي منذ خمسين سنة، لست أجد أحداً يصلبني عليها"(1).

المنطق الإسلامي في المدح والهجاء
منطق المدح والهجاء في الشعر العربي جاهلياً كان أم بعد الإسلام ينحو منحى معيناً، فهو في المدح يتناول الكرم والشجاعة والقوة.. وأمثالها من الخصال الحميدة، وفي الهجاء يركز على البخل والجبن والضعف، قد يتناول الأعراض والمثالب التاريخية...، لكننا نجد في الشعر الشيعي منطلقا خاصاً في المدح والهجاء، يستمد محتواه من مضامين القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، ومن غيرة على الإسلام والأمة الإسلاميّة.
مرت بنا رسالية الشاعر الشيعي والتزامه الإسلامي في إبراز ولائه لآل البيت ونذكر هنا بعض نماذج المدح والهجاء في الشعر الشيعي، ليتبين لنا أن العواطف الشيعية إنّما هي عواطف إسلامية صادقة، لا تسمح للشاعر أن يحيد عن مسيرة الرسالة ومحتواها العقائدي.
أبدأ بذكر نموذج من دعبل الخزاعي في تائيته المعروفة(2).
ألم تر للأيام ما جر جورها على الناس من نقص وطول شتات
ومن دول المستهترين، ومن غدا بهم طالباً للنور في الظلمات
فكيف ؟ ومن أنى يطالب زلفة إلى الله بعد الصوم والصلوات
سوى حب أبناء النبي ورهطه وبغض بني الزرقاء والعبلات
وهند، وما أدت سمية وأبنها أولو الكفر في الإسلام، والفجرات
هم نقضوا عهد الكتاب وفرضه ومحكمه بالزور والشبهات
لا حظ، أن الشاعر يؤلمه ما نزل بالناس من ظلم، ويؤلمه ما حل بالمجتمع
__________________________________
1 ـ الأغاني 18: 30 ـ 34.
2 ـ انظر القصيدة التائية الخالدة في ديوان دعبل الخزاعي، تحقيق عبد الصاحب الدجيلي: 124 ـ 151.