ـ(218)ـ
ولم يلهني دار ولا رسم منزل ولم يتطربني بنان مخضب
فقال: وما يطربك يا ابن أخي ؟ فقال:
ولا أنا ممن يزجر الطير همه ــــ أصاح غراب أم تعرض ثعلب
ولا السانحات البارحات عشية ــــ أمر سليم القرن، أم مر أعضب.
فقال: أجل، لا تتطير فقال:
ولكن إلى أهل الفضائل والتقى ـــــ وخير بني حواء، والخير يطلب
فقال: ومن هؤلاء ويحك؟ فقال:
إلى النفر البيض الّذين بحبهم ــــــ إلى الله فيما نالني أتقرب
فقال: أرحني ويحك، من هؤلاء؟ فقال
بني هاشم رهط النبي فأنني ــــــ بهم، ولهم أرضى مراراً وأغضب
فقال الفرزدق: يا ابن أخي، أذع ثم أذع، فأنت ـ والله ـ أشعر من مضى وأشعر من بقي(1).
ونجد في شعر الكميت تركيزاً على الدافع الديني في ولائه لأهل البيت، فحبه ينطلق من تربية قرآنية وطدت جذور هذا الحب في نفسه.
وجدنا لكم في آل حاميم آيةً ـــــ تأولها منا تقي ومعرب
وفي غيرها آياً، وآياً تتابعت ـــــ لكم نصب فيها لذي الشك منصب(2)
ويؤكد: أن حبه لأهل البيت، هو استمرار لحب رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ وأنه بدافع طلب مرضاة الله سبحانه وتعالى:
إنّ أمت لا أمت ونفسي نفسان ـــــ من الشك في عمى أو تعامي
عادلاً غيرهم من الناس طراً ـــــ بهم، لا همام بي، لا همام
__________________________________
1 ـ الأغاني 15: 125، ومروج الذهب 2: 153، وأمالي الشريف المرتضى 1: 47.
2 ـ الأبيات 29 و 30 من هاشميته.
طربت وما شوقاً إلى البيض أطرب ولا لعباً مني وذو الشيب يلعب؟
انظر شرح الهاشميات: 55 ـ 56.